للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لمن يشاء} [النساء:٤/ ١١٦] فجعل التوبة عن القتل وغيره داخلاً في المشيئة، وقال تعالى: {إن الله يغفر الذنوب جميعاً} [الزمر:٣٩/ ٥٣] وحديث القاتل مائة نفس التائب من جرائه معروف مشهور (١) صريح في قبول توبة التائب.

وأما آية الخلود في جهنم للقال، فهي محمولة على من لم يتب، أو على أن هذا جزاؤه إن جازاه الله، وله العفو إذا شاء.

ويلاحظ أن تحريم القتل هو في حالة كون القتل ظلماً، بخلاف حالة غير الظلم وهي القتل بحق، كقتل القاتل والمرتد، فالقتل عموماً نوعان: قتل محرم: وهو كل قتل عدوان، وقتل بحق. ويرى الشافعية أنه يمكن انقسام القتل إلى الأحكام الخمسة: واجب وحرام ومكروه ومندوب ومباح (٢).

ف القتل الواجب: هو قتل المرتد إذا لم يتب، والحربي إذا لم يسلم أو لم يعط الجزية.

والقتل الحرام: هو قتل معصوم الدم بغير حق، أي بصفة العدوان، وكان المقتول مؤمناً أو أمناً؛ لأن العصمة بإيمان أو أمان، فهي عصمة مخصوصة.

والقتل المكروه: هو قتل المجاهد قريبه الكافر إذا لم يسب الله أو رسوله.

والمندوب: هو قتل المجاهد قريبه الكافر إذا سب الله أو رسوله.

والمباح: هو قتل المقتص منه أو قتل الإمام الأسير؛ لأنه مخير في قتله حسبما يرى من المصلحة. ومنه القتل دفاعاً عن النفس ضمن ضوابط الدفاع الشرعي. وعدَّ الحنفية (٣) ما يأتي من القتل المباح، فقالوا: لو دخل رجل بيته فرأى رجلاً مع


(١) رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري (راجع جامع الأصول لابن الأثير: ٦٨/ ٣).
(٢) مغني المحتاج: ٣/ ٤.
(٣) الدر المختار ورد المحتار: ١٩٧/ ٣، ٣٩٧/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>