للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن يصح إبراء الدين الثابت في الذمة كضمان قيمة المغصوب المتلف، ويصح الإبراء عن الدعوى المتعلقة بالأعيان. ولا يصح إقالة الإبراء عن الدين ولا إقالة السلم؛ لأن الإبراء يسقط الدين من الذمة، والساقط لا يعود؛ لأنه معدوم، والمسلم فيه دين سقط. ويعد الإبراء من الدين تبرعاً؛ لأن فيه معنى التمليك، وإن كان في صورة إسقاط.

والراجح عند المالكية: كما أبان الدسوقي (١) أن الإبراء نقل للملك فيكون من قبيل الهبة، فيحتاج لقبول.

والجديد عند الشافعية (٢): أن الإبراء تمليك المدين ما في ذمته، فيشترط علم الطرفين به إن كان في ضمن معاوضة كخلع، وإلا فيكفي علم المبرئ فقط، والإبراء من المجهول باطل. وقال بعض الشافعية: الأصح أن الإبراء إسقاط.

والراجح عند الحنابلة (٣): أن الإبراء إسقاط، ولا مانع يمنع الإنسان من إسقاط بعض حقه أو هبته، فقد كلم النبي صلّى الله عليه وسلم غرماء جابر ليضعوا عنه.

مشروعية الإبراء: الإبراء في الحكم الغالب له مندوب، قال الخطيب الشربيني: الإبراء مطلوب، فوُسِّع فيه بخلاف الضمان (أي الكفالة)؛ لأنه نوع الإحسان والبر والصلة، لتضمنه إسقاط الحق عن المدين، ولو لم يكن معسراً، قال تعالى: {وإن كان ذو عُسْرَة، فَنَظِرة إلى مَيْسرة، وأن تَصدَّقُوا خير لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة:٢٨٠/ ٢].


(١) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ٩٩/ ٤، الفروق: ١١١/ ٢.
(٢) المحلي على المنهاج مع حاشية القليوبي وعميرة: ٣٢٦/ ٢ ومابعدها، مغني المحتاج: ٢٠٢/ ٢، أشباه السيوطي: ص ١٥٢.
(٣) كشاف القناع: ٣٧٩/ ٣، ٣٨٥، ٣٣٦/ ٤، المغني: ٤٨٣/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>