عرفنا أن التصرفات الشرعية إما أن تكون قابلة للفسخ أو غير قابلة للفسخ.
أما التصرفات الشرعية التي لا تحتمل الفسخ والمخير فيها بالإكراه، فللفقهاء في حكمها رأيان:
الأول ـ رأي الشافعية: وهو أنهم يشترطون تعيين الشيء المكره عليه، فلا إكراه مع التخيير، وتكون التصرفات المخير فيها التي لا تقبل الفسخ نافذة.
الثاني ـ رأي جمهور الأئمة: وهو أنهم يقولون: لا يشترط التعيين في المكره عليه، فالإكراه باق مع التخيير، ويترتب على الإكراه أثره في التصرفات الشرعية المخير فيها التي لا تحتمل الفسخ بحسب المقرر في كل مذهب، كما تقدم.
فإذا أكره إنسان على أن يطلق امرأته المدخول بها أو امرأته غير المدخول بها وطلق إحدى المرأتين: لم يعتبر الإكراه عند الشافعية، ويقع الطلاق؛ لأنه وجدت قرينة على الاختيار فيما أتى به.
وعند بقية الأئمة: يعتبر الإكراه، ولكنهم فصلوا في وقوع الطلاق أي ترتيب أثر الإكراه، فعند الحنفية: يقع الطلاق إذ لا أثر للإكراه عندهم في التصرفات القولية التي لا تحتمل الفسخ. وفي المعتمد عند المالكية: لا يلزم الطلاق، وللمستكره بعد زوال الإكراه حق إجازة الطلاق. وعند الحنابلة: يقع الطلاق؛ لأن التخيير كالتعيين عندهم.
وأما التصرفات الشرعية المخير فيها التي تحتمل الفسخ، فكذلك للفقهاء في أثر الإكراه فيها رأيان:
الأول ـ رأي الشافعية القائلين بأنه لا إكراه مع التخيير.