للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن وعد غريمه بوفاء الدين، وطلب تأخيره نحو اليومين، أجيب لطلبه، ولا يحبس إن كفله كفيل.

كذلك يؤجل المدين المعلوم الملاءة (الغنى) أو ظاهر الملاءة، إن وعد بالوفاء، وطلب التأخير لبيع أمواله وعروضه التجارية، إن قدم كفيلاً بالمال، وإلا سجن، وليس للحاكم بيع تلك العروض، بخلاف المفلس؛ لأن المفلس منع من التصرف في ماله، وتحبس المرأة عند امرأة أمينة، ويحبس الجد لولد ابنه، ويحبس الولد لأبيه في دين أو غيره، ولا العكس: أي لا يحبس والد بولده.

فإن أثبت المدين المجهول الحال، أو ظاهر الملاءة عُسْره بشهادة بيِّنة تشهد أنه لا يعرف له مال ظاهر ولا باطن، وحلف كذلك أنه لا مال له، أُنظر لميسرة، فلا يسجن ولا يطالب قبلها، ولا يلزم بتكسب ولا اقتراض لوفاء ما بقي عليه من الدين، ولو كان قادراً عليه؛ لأن الدين إنما تعلق بذمته، فلا يطلب به إلا عند اليسار. ويخرج المجهول الحال من الحبس إن طال حبسه باجتهاد الحاكم بحيث يغلب على الظن أنه لو كان عنده مال، ما صبر على الحبس هذه المدة. وأما ظاهر الملاءة فلا يخرج من الحبس إلا ببينة بعدمه. وأما معلوم الملاءة فيخلد في السجن حتى يؤدي ما عليه أو يأتي بكفيل غارم.

وقال الشافعية والحنابلة (١): على الموسر إن طولب أداء دينه فوراً بحسب الإمكان، فإن امتنع وله مال ظاهر، وهو من جنس الدين، وُفي منه، فإن كان من غير جنس الدين، باع الحاكم جبراً عليه ماله، وإن كان المال في غير محل ولايته، أو أكرهه مع التعزير بحبس أو غيره على البيع، فإن أخفى المدين ماله، وهو


(١) مغني المحتاج: ١٥٤/ ٢، ١٥٧، كشاف القناع: ٤٠٦/ ٣ - ٤٠٩، المغني: ٤٤٧/ ٤ ومابعدها، و٤٥٠ ومابعدها، المهذب: ٣٢٠/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>