للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتقدميها. مع ما عرف من فضله ونبله وسابقته في الإسلام وعلمه وزهده في الخلافة وشدة خوفه وحذره وعظيم مناصحته للأمة، كما أبان الباقلاني (١).

[٤ - علي بن أبي طالب]

لقد ترتب على الفتنة الكبرى بمقتل عثمان رضي الله عنه ووقوع الفوضى بالمدينة أحداث خطيرة في تاريخ الإسلام أثَّرت في خلافة علي رضي الله عنه تأثيراً بالغاً منذ بداية عهده بها. فلم يتوافر له الاتفاق أو الإجماع الشامل الذي حظي به الخلفاء السابقون. فبايعه كبار المهاجرين والأنصار في المدينة وأهل الأمصار والمصريون، ولم يبايعه أهل الشام وبنو أمية بزعامة معاوية بن أبي سفيان، ونقل عن طلحة والزبير أنهما بايعاه مكرهين، ثم خرجا من المدينة إلى مكة ثم إلى البصرة مع عائشة مطالبين بدم عثمان رحمه الله، فقاتلهما علي كرم الله وجهه يوم الجمل، وقتلا في هذه المعركة. ولكن بالرغم من أن سيدنا علي كرم الله وجهه قد استنكر قتل عثمان، ولزم بيته، أصرالمهاجرون والأنصار على بيعته حسماً للفتنة وصيانة لدار الهجرة، فطلب حينئذ منهم عقدها في المسجد علانية وعن رضا المسلمين، ورضي في ذلك بعد شدة، وبعد أن رآه مصلحة (٢).

والخلاصة: إن اختيار الخليفة يتم أساساً ببيعة أكثر المسلمين العامة، بعد ترشيح أولي النظر والرأي أو أهل الحل والعقد، عملاً بمبدأ الشورى قاعدة الحكم في الإسلام: {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى:٤٢/ ٣٨]. وأما العهد السابق من الخليفة فلا يعدو أن يكون مجرد ترشيح لا أثر له إذا لم تنضم إليه البيعة


(١) راجع التمهيد للباقلاني: ص ٢٠٨ وما بعدها، صحيح البخاري: ٧٨/ ٩، تاريخ الطبري: ١٣/ ٥، ٣٤ - ٤١، طبقات ابن سعد: ٦١/ ٣.
(٢) انظر التمهيد: ص ٢٢٧ وما بعدها، ابن سعد: ٣١/ ٣ وما بعدها، الطبري: ١٥٢/ ٥ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>