للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العزل]

الإيجاد والخلق في الحقيقة منوط بالإرادة الإلهية، ففي حديث حسن رواه الطبراني: «اعزلوا أو لاتعزلوا، ماكتب الله تعالى من نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة» ولا خلاف بين العلماء ما عدا ابن حزم الظاهري (١): أنه يجوز العزل (٢) عن الزوجة، بشرط إذنها، بدليل قول جابر: «كنا نعزل على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبلغه ذلك، فلم ينهنا» (٣) ودليل اشتراط الإذن مارواه أحمد وابن ماجه عن عمر: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن أن يعزل عن الحرة، إلا بإذنها» (٤).

إلا أن الشافعية والحنابلة وقوماً من الصحابة قالوا بكراهة العزل؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم في حديث مسلم عن عائشة سماه الوأد الخفي، فحمل النهي على كراهة التنزيه. وأجاز الغزالي العزل لأسباب منها كثرة الأولاد.

وبناء عليه يجوز استعمال موانع الحمل الحديثة كالحبوب وغيرها لفترة مؤقتة، دون أن يترتب عليه استئصال إمكان الحمل، وصلاحية الإنجاب، قال الزركشي: يجوز استعمال الدواء لمنع الحبل في وقت دون وقت كالعزل، ولايجوز التداوي لمنع الحبل بالكلية. أو ربط عروق المبايض إذا ترتب عليه امتناع الحمل في


(١) تكملة الفتح: ١٠٩/ ٨، إحياء علوم الدين: ٤٧/ ٢ ومابعدها، نيل الأوطار: ١٩٧/ ٦، فتح القدير: ٤٩٤/ ٢، الشرح الكبير: ٢٦٦/ ٢، المهذب: ٦٦/ ٢، المغني: ٢٢٣/ ٧، الإحياء: ٢٤٨/ ٢، شرح مسلم: ٦/ ١٠،١٧.
(٢) العزل: النزع بعد الإيلاج، لينزل الماء خارج الفرج.
(٣) رويت أحاديث أخرى في معناه (نيل الأوطار: ١٩٥/ ٦ ومابعدها).
(٤) قال المحدثون: وليس إسناده بذلك، لأن في إسناده ابن لهيعة، وفيه مقال معروف. ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عباس قال: «نهى عن عزل الحرة إلا بإذنها» وروى عنه ابن أبي شيبة أنه كان يعزل عن أمته، وروى البيهقي عن ابن عمر مثله (نصب الراية: ٢٥١/ ٤، نيل الأوطار: ١٩٦/ ٦ ومابعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>