كثوب الصباغة والخياطة والمتاع المحمول في السفينة أو على الدابة، يعتبر أمانة في يد الأجير، فذلك بحسب الأصل العام عند أبي حنيفة ومن وافقه، وبناء عليه، قد تتغير صفة الأمانة إلى الضمان في الأحوال الآتية (١):
أولاً ـ ترك الحفظ: أي أن الأجير يهمل في حفظ المتاع، فيلتزم بضمانه؛ لأن الأجير لما قبض المأجور فقد التزم حفظه، وترك الحفظ موجب للضمان، كالوديع إذا ترك حفظ الوديعة حتى ضاعت.
ثانياً ـ الإتلاف والإفساد: إذا تعدى الأجير بأن تعمد الإتلاف أو بالغ في دق الثوب مثلاً، ضمن سواء أكان الأجير مشتركاً أم خاصاً.
وإن لم يكن الأجير متعدياً في الإفساد بأن أفسد الثوب خطأ بعمله من غير قصده: فإن كان الأجير خاصاً لم يضمن اتفاقاً، وإن كان مشتركاً كالقصار إذا دق الثوب فتخرق، أو ألقاه في المواد الكيماوية فاحترق، أو كالملاح إذا غرقت السفينة من عمله، أو الحمال إذا سقط على الأرض وفسد الحمل، أو الراعي المشترك إذا ساق الدواب، فضرب بعضها بعضاً في حال سوقه حتى هلك بعضها، ففي كل هذه الحالات يكون الهالك مضموناً عند أبي حنيفة وصاحبيه؛ لأن العمل المأذون فيه هو العمل المصلح لا المفسد؛ لأن العاقل لا يرضى بإفساد ماله ولا يلتزم الأجرة بمقابلة الفاسد، فيتقيد الأمر بما يصلح دلالة.
وقال الشافعية وزفر: لا يضمن الأجير في تلك الحالات ما لم يحصل منه تعدٍ أو تقصير في عمله؛ لأن عمله مأذون فيه في الجملة، وإذا لم يكن مأذوناً فيه
(١) راجع البدائع: ٤ ص ٢١١، تكملة فتح القدير: ٧ ص ٢٠١ ومابعدها، مختصر الطحاوي: ص ١٣٠، تبيين الحقائق: ٥ ص ١٣٥، رد المحتار: ٥ ص ٤٦، المبسوط: ١٥ ص ١٠٤، ١٦١، ج ١٦ ص ٩ ومابعدها، جامع الفصولين: ٢ ص ١٧٢ ومابعدها، مجمع الضمانات: ص ٢٨ ومابعدها.