للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقد، دفعاً للضرر عنه، أي أنه يثبت له خيار الفسخ بسبب الغبن مع التغرير، كما سأبين في عيب الغبن.

وأما التدليس بكتمان الحقيقة، وهو الصورة المشهورة في الفقه باسم (التدليس): فهو إخفاء عيب في أحد العوضين، كأن يكتم البائع عيباً في المبيع، كتصدع في جدران الدار وطلائها بالدهان أو الجص، وكسر في محرك السيارة، ومرض في الدابة المبيعة، أو يكتم المشتري عيباً في النقود ككون الورقة النقدية باطلة التعامل، أو زائلة الرقم النقدي المسجل عليها، أو ذهب أكثر من خمسها.

وحكم هذا النوع: أنه حرام شرعاً باتفاق الفقهاء (١)، لقول النبي: «المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً، وفيه عيب، إلا بينه له» وقوله عليه السلام: «من غشنا فليس منا» (٢). ويثبت فيه للمدلس عليه ما يعرف بخيار العيب: وهو إعطاؤه حق الخيار: إن شاء فسخ العقد، وإن شاء أمضاه. كما سيتضح في بحث الخيارات.

ولا فرق في التدليس الموجب للخيار بين أن يصدر من أحد العاقدين، أو من شخص آخر أجنبي عنهما كالدلال ونحوه إذا كان بتواطؤ مع أحد العاقدين (٣).

ونص القانون المدني السوري في المادتين (١٢٦، ١٢٧) على التدليس من أحد المتعاقدين أو من غير المتعاقدين، وجعل التدليس موجباً لخيار المدلس عليه وإعطائه الحق في إبطال العقد إذا كانت الحيل المستخدمة من الجسامة بحيث لولاها


(١) قال في الدر المختار: ١٠٣/ ٤: «لا يحل كتمان العيب في مبيع أو ثمن لأن الغش حرام».
(٢) الحديث الأول رواه ابن ماجه عن عتبة بن عامر، والحديث الثاني رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي عن أبي هريرة (نيل الأوطار: ٢١٢/ ٥).
(٣) الدر المختار ورد المحتار: ١٦٧/ ٤، ط البابي الحلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>