للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحدود تدرأ بالشبهات (١). ومن الكناية عندهم أن يقول: يا فاجر، يا خبيث، ياحلال ابن الحلال، فإن نوى به القذف، وجب به الحد، وإن لم ينو به القذف، لم يجب به الحد، سواء أكان القول في حال الخصومة أم في غيرها؛ لأنه يحتمل القذف وغيره.

وقال الحنابلة: اختلفت الرواية عن أحمد في التعريض بالقذف: في رواية لا حد عليه، وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي بكر. وفي رواية: عليه الحد بدليل فعل عمر السابق ذكره (٢).

القذف باللواط: قال الشافعية (٣): إن قال شخص لغيره: لطت أو لاط بك فلان باختيارك، فهو قذف؛ لأنه قذفه بوطء يوجب الحد، فأشبه القذف بالزنا، وإن قال: يا لوطي، وأراد أنه على دين قوم لوط لا يحد؛ لأنه يحتمل ذلك. وإن أراد أنه يعمل عمل قوم لوط وجب الحد. والقذف باللواط موجب للحد عند الجمهور غير الحنفية.

قذف الجماعة: قال الحنفية والمالكية: إذا قذف الشخص جماعة يحد حداً واحداً، كأن يقول: «كلكم زان» أو يقول لكل واحد منهم في مجلس، أو متفرقين: «يا زاني» أو «فلان زان، وفلان زان». ودليلهم أن هلال بن أمية قذف أمرأته بشريك بن سحماء، فرفع الأمر إلى النبي عليه الصلاة والسلام فلاعن بينهما، ولم يحد هلالاً لقذفه شريك بن سحماء (٤)؛ لأن القذف جناية توجب


(١) المهذب: ٢٧٣/ ٢.
(٢) المغني: ٢٢٢/ ٨.
(٣) المهذب: ٢٧٣/ ٢.
(٤) أخرجه أبو يعلى ورجاله ثقات من حديث أنس بن مالك، قال: «أول لعان كان في الإسلام أن شريك ابن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: البينة وإلا فحد في ظهرك، فقال: يا رسول الله، إن الله يعلم أني لصادق ولينزلن الله عليك ما يبرئ ظهري من الحد، فأنزل الله عز وجل آية اللعان، ولاعن النبي صلّى الله عليه وسلم وفرق بينهما» والحديث أخرجه البخاري عن ابن عباس (راجع نصب الراية: ٣٠٦/ ٣، سبل السلام: ١٦/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>