للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك لا يحد بالألفاظ المشتركة بين الزنا وغيره، أو بما يدل صراحة على وطء غير الزنا.

مثال الأول: أن يقول لامرأة: (وطئك فلان وطأً حراماً) أو (فجر بك فلان) أو يقول لرجل: (وطئت فلانة حراماً) أو (جامعتها حراماً) فلا يحد، إذ قد يكون الوطء حراماً ولا يكون زنا، فكان قذفه محتملاً، ولا يجب الحد مع الاحتمال.

ومثال الثاني: أن يقول لرجل: (يا لوطي) أو (تعمل عمل قوم لوط) فلا يحد؛ لأنه في الأول نسبه إلى قوم لوط فقط، وفي الثاني قذفه باللواط، وهو ليس زنا عند أبي حنيفة خلافاً لصاحبيه، كما سبق بيانه بالتفصيل (١).

وقال المالكية: التعريض بالقذف يوجب الحد إن أفهم تعريضه القذف بالزنا بالقرائن، كالخصام، كأن يقول: (أما أنا فلست بزان) أو (أنا معروف) لأنه ثقيل على غالب الناس، والكناية قد تقوم في العادة والاستعمال مقام الصريح، وإن كان اللفظ فيها مستعملاً في غير موضعه أي مقولاً بالاستعارة، وهذا معنى قول الأدباء: الكناية أبلغ من الصريح. وقد وقعت هذه القضية في زمان عمر، فشاور فيها الصحابة، فاختلفوا فيها عليه، فرأى عمر فيها الحد، فجلد القاذف (٢).

وقال الشافعية: التعريض إن نوى به القذف، وفسره به وجب الحد، فهو بمنزلة الكناية، والكناية توجب الحد؛ لأن ما لا تعتبر فيه الشهادة كانت الكناية فيه مع النية بمنزلة الصريح كالطلاق والعتاق. وإن لم ينو به القذف لم يجب الحد، سواء أكان التعريض في حال الخصومة أم غيرها؛ لأنه يحتمل القذف وغيره،


(١) انظر المبسوط: ١٢٠/ ٩، فتح القدير: ١٩١/ ٤، البدائع: ٤٢/ ٧ - ٤٤، تبيين الحقائق: ٢٠٠/ ٣.
(٢) بداية المجتهد: ٤٣٢/ ٢، حاشية الدسوقي: ٣٢٧/ ٤، المنتقى على الموطأ: ١٥٠/ ٧، القوانين الفقهية: ص ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>