للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرط القتل]

اشترط الحنفية (١) في القتل نفسه الموجب للقصاص: أن يكون مباشرة، لاتسبباً، فإن كان تسبباً ففيه الدية، كمن حفر بئراً على قارعة الطريق، فوقع فيه إنسان ومات، فعلى الحافر الدية. وإذا رجع شهود القصاص عن شهادتهم بعد قتل المشهود عليه، فتجب عليهم الدية؛ لأنه لم يوجد منهم القتل مباشرة، وإنما وجد منهم سبب القتل.

ولم يشترط غير الحنفية هذا الشرط، وإنما قالوا ـ في الجملة ـ: يجب القصاص بالسبب كالمباشرة؛ لأنهما متماثلان، على النحو الذي بان سابقاً. وملخصه:

إنه يجب عند الجمهور القصاص بالسبب الحسي كالإكراه على القتل، وبالسبب الشرعي كشهود الزور، وفي بعض أحوال السبب العرفي كتقديم الطعام المسموم إلى الضيف الصبي غير المميز أو المجنون. واختلفوا في تسميم المميز أو البالغ العاقل، فقال المالكية والحنابلة: على فاعله القصاص. وقال الشافعية في أرجح الأقوال: لا يقتص منه، وإنما عليه الدية (دية شبه العمد). كما اختلفوا في حالة الشرط (وهو مالا يؤثر في الهلاك ولا يحصله بل يحصل التلف عند هـ بغيره، ويتوقف تأثير ذلك الغير عليه) كالحفر مع التردي، والإمساك مع القتل، والدلالة على المجني عليه. فقال غير المالكية: يقتص من مباشر القتل، ويعزر المتسبب. وقال المالكية: يقتص من الاثنين معاً. واختلفوا أيضاً في حالة اشتراك الفاعل والشريك: فمن اتفق أو حرض أي اشترك في الجريمة ولم يباشر القتل فعليه


(١) البدائع: ٢٣٩/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>