اشترى ديناراً بعشرة دراهم هي دين له على بائع الدينار، وقبض الدينار، وقعت المقاصة بنفس العقد.
والحقيقة أن هذه المقاصة وقعت بين دينين من جنس واحد، لا بين دين وعين من جنسين؛ لأن مشتري الدينار لما قبضه، كان قبضه قبض ضمان بالثمن الذي اتفقا عليه وهو العشرة، فثبت بالقبض في ذمته مثلها للبائع، فالتقى الدينان قصاصا، وإن كان الظاهر يوهم أن المقاصة وقعت بين دين وعين من جنسين مختلفين. فهذه الصورة وأمثالها من باب مقاصة الدينين. ويمكن القول بأن المقاصة الجبرية لا تكون إلا في دينين (١).
أما المقاصة الرضائية أو الاتفاقية بين صاحبي الحقين فإنها جائزة بين دين وعين.
[المبحث الثالث ـ أنواع المقاصة]
المقاصة إما جائزة أو غير جائزة. والجائزة إما جبرية أو اختيارية (اتفاقية).
أولاً ـ المقاصة الجبرية وشروطها: المقاصة الجبرية: هي التي تحدث بنفسها بين دينين متماثلين جنساً وصفة وقدراً وحلولاً وتأجيلاً، ولا تتوقف على تراضي الطرفين ولا على طلب أحدهما. مثل أن يقترض شخص من آخر نقوداً أو شيئاً يثبت ديناً في الذمة كالمثليات، ثم يبيع المقترض لدائنه متاعاً بثمن معجل من جنس الدين الذي عليه، فتقع المقاصة بين هذين الدينين، بمجرد ثبوت الدين الثاني، جبراً على الطرفين، ولا تتوقف على تراضيهما ولا على طلب من أحدهما.
(١) بحث المقاصة للأستاذ مدكور: ص/٩ - ١٣، العدد الأول من مجلة القانون، السنة ٢٧.