أي كونها في مصر جامع، أو في مصلى المصر عند الحنفية: وهو كل موضع له أمير وقاض ينفذ الأحكام ويقيم الحدود، هذا في مشهور المذهب الحنفي، لكن المفتى به عند أكثر الحنفية، أن المصر كما قدمنا: هو ما لا يسع أكبر مساجدها أهلها المكلفين بالجمعة. وهذا شرط وجوب وصحة، فلا يصح أداء الجمعة إلا في المصر وتوابعه، ولا تجب على أهل القرى التي ليست من توابع المصر، ولا يصح أداء الجمعة فيها. ودليلهم على اشتراط المصر: ما رواه عبد الرزاق عن علي موقوفاً: «لا جمعة، ولا تشريق إلا في مصر جامع».
وقال المالكية: كونها في موضع الاستيطان، وهو إما بلد أو قرية، مبنية بأحجار ونحوها، أو بأخصاص من قصب أو أعواد شجر، لا خيم من شعر أو قماش؛ لأن الغالب على أهلها الارتحال، فأشبهوا المسافرين. وهذا شرط صحة ووجوب عند المالكية؛ لأن الصحيح عندهم أن الشروط الأربعة وهي الإمام والجماعة والمسجد وموضع الاستيطان هي شروط وجوب وصحة معاً، ولا بد أن تستغني القرية بأهلها عادة، بالأمن على أنفسهم، والاكتفاء في معاشهم عن غيرهم. ولا يحدون بحد كمئة أو أقل أو أكثر.
وقرر الشافعية: أن تقام الجمعة في خِطّة بلد أو قرية، وإن لم تكن في مسجد. ولا تلزم الجمعة في الأظهر أهل الخيام وإن استقروا في الصحراء أبداً؛ لأنهم على هيئة المسافرين أو المستوفزين للسفر، وليس لهم أبنية المستوطنين، ولأن قبائل العرب الذين كانوا مقيمين حول المدينة ما كانوا يصلونها، وما أمرهم النبي صلّى الله عليه وسلم بها.
والمراد بالخِطَّة: الأرض التي خُطَّ عليها أعلام للبناء فيها. ويقصد بها هنا