هذا إذا ادعى رجل على امرأة أنه تزوجها، فأنكرت، فأقام على زواجها شاهدي زور، فقضى القاضي بالنكاح بينهما، وهما يعلمان أنه لا نكاح بينهما، حل للرجل وطؤها، وحل لها التمكين عند أبي حنيفة، خلافاً للجمهور. ومثله لو قضى بالطلاق فرق بينهما عنده، وإن كان الرجل منكراً. ويقاس عليه البيع ونحوه.
والخلاصة: إن القاضي في قول أبي حنيفة ينفذ قضاؤه ظاهراً وباطناً حيث كان المحل قابلاً لذلك كالعقود والفسوخ، والقاضي غير عالم بزور الشهود. وهذا القول وإن كان هو الأوجه في مذهب الحنفية، إلا أن المفتى به عندهم هو قول الصاحبين الموافق لبقية الأئمة، وهو أن قضاء القاضي ينفذ ظاهراً فقط لا باطناً، أي ليس الحلال عند الله هو ما قضى به القاضي، بل ما وافق الحق (١).
[المطلب الثاني ـ طرق إثبات الحق لدى القضاء]
يجب على القاضي أن يقضي بما ثبت عنده بطرق الإثبات الشرعية: وهي البينة والإقرار واليمين والنكول على النحو الذي سيذكر في المبحث المخصص لطرق الإثبات. وأشير هنا إلى أن البينة تظهر الحق بالاتفاق بشرط أن يثبت عند القاضي عدالة الشهود بالسؤال عنهم، ممن له علم بأحوالهم سراً وعلانية.
والإقرار حجة مطلقة؛ لأن الإنسان غير متهم بالإقرار على نفسه كاذباً.
والشهادة في الأموال: شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، أو شهادة رجل ويمين المدعي عند غير الحنفية.
(١) البدائع: ١٥/ ٧، شرح فتح القدير: ٤٩٢/ ٥، ط التجارية، الدر المختار ورد المحتار: ٤٦٢/ ٤، ط الأميرية.