وأما المؤيدات فهي إما مدنية أو جزائية، والمؤيدات المدنية أربعة: هي البطلان والفساد والتوقف (عدم النفاذ) وعدم اللزوم، فكل عقد لم تكتمل أركانه أو شرائطه، فهو إما باطل أو فاسد أو موقوف أو غير لازم. والمؤيدات الجزائية هي العقوبات الرادعة، وهي الحدود والتعزيرات. والمؤيدات بقسميها شرعت لحماية أحكام الشريعة الأصلية، فيكون لأحكام الشريعة إما دور وقائي، أو علاجي، وكل من الوقاية والعلاج سبب للإصلاح ومنع الإجرام والانحراف، كما سيأتي بيانه.
رابعاً - أنواع العقوبات في الإسلام وأثرها في منع الجريمة:
الجزاء أو العقاب في شرعة الإسلام إما أخروي وإما دنيوي، والعقاب الأخروي مردّه إلى الله تعالى، إن شاء عذب العاصي أو المجرم، وإن شاء غفر ورحم، والله غفور رحيم، وهو شديد العقاب، والمؤمن الحق يخشى من عقاب الآخرة وعذاب النار أكثر من عقاب الدنيا.
والعقوبة الأخروية: يمليها قانون الحق والعدل، قال الله تعالى:{أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، أم نجعل المتقين كالفجار}[ص:٢٨/ ٣٨] وقال سبحانه: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين، ما لكم كيف تحكمون}[القلم:٣٥/ ٦٨ - ٣٦]. فليس عدلاً أبداً ولا منطقاً وعقلاً أن يتساوى العاصي مع الطائع، والمنحرف مع المستقيم، لذا كان يوم الدين أو يوم القيامة يوم الجزاء الفاصل هو أمل المعذبين والمظلومين في الدنيا. روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مجلس: فقال: «تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق، فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن