للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظهر من هذه الأدلة ونحوها أنها هي الانتقادات الموجهة للنظام الديمقراطي بوجه عام لقيامه على مبدأ سلطة الأمة وأحقيتها في اختيار الإمام. ولا شك أن ذلك صحيح، ولكن الفلاسقة السياسيين ما زالوا يحاولون إصلاح الخلل الواقع في النظام الديمقراطي، كما أن الفقهاء المسلمين وضعوا ضوابط وشروطاً دقيقة في المرشح للخلافة سأذكرها، وفيما الضمانة الغالبة من الوقوع في خطأ الاختيار.

[الأدلة التاريخية]

إن اعتقاد الشيعة بضرورة النص على الإمام كان رد فعل لوقائع التاريخ التي صدمت أمانيهم (١)، وأدت إلى نكبة آل البيت التي تستثير عاطفة كل مسلم صادق بعيد عن التأثرات السياسية.

إنهم يفترضون أنه لا بد من أن يعين الرسول صلّى الله عليه وسلم خليفة من بعده، حتى لا تقع أمته في بحر من الفتن والاضطرابات والاختلافات التي أخبر عنها بقوله: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة .. » (٢) ولو جاء التاريخ والأحاديث المدونة بغير ذلك، وجب أن نتشكك في وقائع التاريخ وصحة الأحاديث، ونتهمها بالكتمان وتشويه الحقيقة.

وأما أهل الحل والعقد الذين يختارون الإمام فكانوا مرتع النزاع والخصام والخلاف، بسبب اعتقاد كل واحد أنه أحق بزعامة الأمة. والواقع ـ كما يرون ـ أنه لم تتم بيعة لإمام بالاختيار أو الشورى أو رضا الأمة، إذ عين عمر بالنص من أبي بكر، وعثمان بالشورى بين ستة حددهم عمر ثم صارت القضية بولاية العهد.


(١) المرجع نفسه: ص ٩٩ وما بعدها.
(٢) رواه الطبراني في الكبير والبزار ورجاله رجال الصحيح عن عوف بن مالك بلفظ «تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة .. ».

<<  <  ج: ص:  >  >>