للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: أولاً ـ تعريف المساقاة: المساقاة لغة: مفاعلة من السقي. وتسمى عند أهل المدينة المعاملة: مفاعلة من العمل. ويفضل اسم المساقاة لما فيها من السقي غالباً. وشرعاً: هي معاقدة دفع الأشجار إلى من يعمل فيها على أن الثمرة بينهما. أو هي عبارة عن العقد على العمل ببعض الخارج. وبعبارة أخرى: هي دفع الشجر إلى من يصلحه بجزء معلوم من ثمره. وهي عند الشافعية: أن يعامل غيره على نخل أو شجر عنب فقط، ليتعهده بالسقي والتربية على أن الثمرة لهما (١).

ثانياً ـ مشروعيتها: المساقاة عند الحنفية كالمزارعة حكماً وخلافاً وشروطاً ممكنة فيها، فلا تجوز عند أبي حنيفة وزفر، فالمساقاة بجزء من الثمر باطلة عندهما، لأنها استئجار ببعض الخارج، وهو منهي عنه. قال عليه الصلاة والسلام: «من كانت له أرض، فليزرعها، ولا يكريها بثلث ولا بربع ولا بطعام مسمى» (٢).

وقال الصاحبان وجمهور العلماء (منهم مالك والشافعي وأحمد): تجوز المساقاة بشروط، استدلالاً بمعاملة النبي صلّى الله عليه وسلم أهل خيبر، روي عن ابن عمر: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع» رواه الجماعة، ولحاجة الناس إليها؛ لأن مالك الأشجار قد لا يحسن تعهدها، أو لا يتفرغ له، ومن يحسن ويتفرغ قد لا يملك الأشجار، فيحتاج الأول للعامل، ويحتاج العامل للعمل.

والفتوى عند الحنفية على قول الصاحبين، لعمل النبي صلّى الله عليه وسلم وأزواجه والخلفاء


(١) تبيين الحقائق: ٢٨٤/ ٥، البدائع: ١٨٥/ ٦، الدر المختار: ٢٠٠/ ٥، اللباب: ٢٣٣/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٢٧٩، مغني المحتاج: ٣٢٢/ ٢، كشاف القناع: ٥٢٣/ ٣.
(٢) متفق عليه من حديث رافع بن خديج لكنه حديث مضطرب جداً (المغني: ٣٨٣/ ٥، ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>