للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصية للمجهول: أن يكون الموصى له معلوماً غير مجهول: أي ألا يكون مجهولاً جهالة لا يمكن رفعها وإزالتها؛ لأن هذه الجهالة تمنع من تسليم الموصى به إلى الموصى له، فلا تفيد الوصية، ولأن الوصية تمليك عند الموت ـ في رأي الجمهور غير الحنابلة ـ فلا بد من أن يكون الموصى له معلوماً في ذلك الوقت، حتى يقع الملك له، ويمكن تسليم الموصى به إليه.

فلو أوصى إنسان لمحمد أو خالد بالثلث، أو لجماعة لا يحصون من المسلمين (١) كثلث ماله للمسلمين، ولم يوصفوا بما يشعر بالحاجة كفقراء المسلمين، كانت الوصية باطلة عند الحنفية، لجهالة الموصى له جهالة تمنع من تسليم الموصى به إليه. وكذلك لو أوصى لأحد رجلين، لا تصح عند أبي حنيفة والشافعية وباقي المذاهب، لعدم تعيين الموصى له (٢).

أما لو أوصى لجماعة بلفظ ينبئ عن حاجتهم، فتصح الوصية عند الحنفية؛ لأنها وصية بالصدقة، وهي إخراج المال إلى الله تعالى، وهو واحد معلوم، فيقع الموصى به لله، ثم يتملكها المحتاجون بتمليك الله لهم. جاء في رد المحتار أن معنى كون الموصى له معلوماً: أن يكون معيناً شخصاً كزيد، أو نوعاً كالمساكين والفقراء.

وقد أخذ القانون المصري والسوري (٣) بهذا الشرط، وهو كون الموصى له


(١) اختلف الفقهاء في الحد الفاصل بين من يحصون ومن لا يحصون، فقال محمد: إن كانوا أكثر من مئة فهم لا يحصون. وبه يفتى وقد أخذت به المحاكم الشرعية في مصر، وقال الشافعية: هم من لا يمكن استيعابهم إلا بمشقة.
(٢) وتصح هذه الوصية عند الصاحبين، وتكون الوصية عند أبي يوسف لهما جميعاً، وعند محمد: لأحدهما، وخيار التعيين إلى الورثة، يعطون أيهما شاؤوا (البدائع: ٢٣٦/ ٧).
(٣) انظر الفقرة الأولى من المادة ٦ من القانون المصري، والفقرة الأولى من المادة ٢١٢ من القانون السوري.

<<  <  ج: ص:  >  >>