للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفق العلماء إلا أهل الظاهر على أن الملتقط إذا أكل اللقطة، ضمنها لصاحبها (١).

لقطة الحل والحرم: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأحكام المذكورة في تعريف اللقطة تنطبق على ما إذا كانت اللقطة في مكة وغيرها من البلدان؛ لأن اللقطة أمانة، فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة، ولأن الأحاديث الواردة في اللقطة لم تفرق بين الحل والحرم، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: «اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرِّفها سنة» وغيره.

وأما الحديث الوارد بتخصيص تعريف لقطة مكة، فالمقصود به دفع توهم بعض الناس أنه لا حاجة لتعريف لقطة مكة، لعدم الفائدة باعتبارها مكان الغرباء (٢).

وقال الشافعية على الصحيح المنصوص عندهم: يجب تعريف لقطة الحرم أبداً، إذ لا تحل لقطة الحرم للتملك، بل للحفظ أبداً، لخبر الصحيحين: «إن هذا البلد حرمه الله، لا يلتقط لقطته إلا من عرفها».

وفي رواية للبخاري «لا تحل لقطة الحرم إلا لمنشد» قال الشافعي رضي الله عنه: أي لمعرِّف، ففرق صلّى الله عليه وسلم بينها وبين غيرها، وأخبر أنها لا تحل إلا للتعريف ولم يؤقت التعريف بسنة كغيرها، فدل على أنه أراد التعريف على الدوام، وإلا فلا فائدة من التخصيص، والمعنى فيه: أن حرم مكة شرفه الله تعالى مثابة للناس يعودون إليه، المرة بعد الأخرى، فربما يعود مالكها من أجلها، أو يبعث في طلبها، فكأنه جعل ماله به محفوظاً عليه، كما غلظت الدية فيه.


(١) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه: ١٢١/ ٤، بداية المجتهد: ٣٠١/ ٢، مغني المحتاج: ٤١٥/ ٢، المهذب: ٤٣٠/ ١، المغني: ٦٣٦/ ٥ ومابعدها.
(٢) فتح القدير: ٤٣٠/ ٤، تبيين الحقائق: ٣٠١/ ٣، البدائع: ٢٠٢/ ٦، الشرح الكبير للدردير: ١٢١/ ٤، الغني لابن قدامة: ٦٤٢/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>