للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبب في تنوع العقاب في الإسلام هو الحماية الفعلية للأنظمة والأخلاق والفضائل وقمع الرذائل والقضاء عليها. فمن أفلت من عقاب الحاكم الزمني غفلة منه، أو تحايلاً عليه أو لعدم توافر وسائل الإثبات المطلوبة، أو لم يكن لجريمته عقاب مقرر في القوانين المطبقة كالكذب وخلف الوعد والحقد والحسد والغيبة والنميمة ونحوها، عوقب على مخالفاته في عالم الآخرة بين يدي أحكم الحاكمين الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.

كما أن الجزاء الأخروي يمتاز بمكافأة الصالحين على فعل الخير تشجيعاً للفضيلة وحثاً على الاستقامة وصلاح الأعمال في الدنيا. والتوبة النصوح قد تساعد على تطبيق العقوبة في الدنيا بالإقرار بالجريمة أمام القاضي، وقد تسقط الجزاء الأخروي فتساهم في إصلاح المجرم، وإنقاذه من الزلات والأخطاء التي ارتكبها، وتجعله في عداد الصالحين، فيتحقق تلقائياً أو بصفة ذاتية الهدف الجوهري من تشريع العقوبات الزاجرة.

[٢) ـ الهدف من العقوبة]

يلتقي الفقه الإسلامي كأساس عام مع أفضل المبادئ والنظم التي توصلت إليها المدرستان التقليدية والوضعية لتحديد أساس حق العقاب ووظائف العقوبة قانوناً.

ففي مواجهة المدرسة التقليدية التي تقيم حق العقاب على أساس منفعة الصالح الاجتماعي عن طريق المنع أو الوقاية في المستقبل، نرى فقهاءنا يقررون أن أساس أو مناط العقوبات المقررة شرعاً هو مصلحة الناس العامة وسعادتهم (١)،فكل ما يحقق مصالح البشرية فهو مشروع مطلوب؛ لأن المقصود


(١) الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي لأستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة ص ٣٢ وما بعدها، ط الأنجلو المصرية، القصاص في الشريعة الإسلامية للمرحوم الشيخ أحمد إبراهيم: ص ٢٤٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>