للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يوال الضربات، ولم يكن الضرب في مقتل، أو المقتول صغيراً أو ضعيفاً، ولم يكن حرأو برد معين على الهلاك، ولم يشتد الألم ويستمر إلى الموت، كان القتل شبه عمد.

ودليل الشافعية والحنابلة: هو نفس الحديث الذي استدل به الحنفية وهو «ألا إن في قتيل عمد الخطأ، قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الإبل» وقالوا: إن الحديث محمول على المثقل الصغير؛ لأنه ذكر العصا والسوط، وقرن به الحجر، فدل على أنه أراد ما يشبههما. واستدلوا أيضاً بحديث آخر: «إن جارية وُجدت، وقد رُضَّ رأسها بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا، أفلان أو فلان، حتى سمي يهودي، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي، فاعترف، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم برض رأسه بالحجارة» (١) قالوا: فثبت القصاص في هذا أي في المثقل، بالنص، وقيس عليه الباقي، مما يدل على شرعية القصاص في القتل بالمثقل.

ثالثاً ـ مذهب المالكية: إن أداة القتل العمد عند المالكية (٢): هي كل آلة يقتل بها غالباً كالمحدد مثل السلاح، والمثقل مثل الحجر، أو ما لا يقتل بها غالباً كالعصا والسوط ونحوهما، سواء قصد الجاني بالضرب قتل المجني عليه، أو لم يقصد قتلاً، وإنما قصد مجرد الضرب، أو قصد قتل شخص معتقداً أنه (زيد) فإذا هو (عمرو): إن حصل الضرب لعداوة أو غضب لغير تأديب، ففي كل ذلك القَوَد (٣).


(١) رواه الجماعة (أحمد وأصحاب الكتب الستة) عن أنس بن مالك رضي الله عنه. وهو دليل أيضاً على أنه يقتل الرجل بالمرأة، وعليه إجماع العلماء. ودليل أيضاً على أنه يجوز القود بمثل ما قتل به المقتول، وإليه ذهب الجمهور.
(٢) الشرح الكبير للدردير مع الدسوقي: ٢٤٢/ ٤، القوانين الفقهية: ص ٣٤٤.
(٣) القود: القصاص، وسمي بذلك؛ لأن الجاني المقتص منه كانوا في الغالب يقودونه بشيء يربط به أو بيده، كالحبل وغيره (المغني: ٦٨٣/ ٧، رد المحتار: ٣٧٦/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>