فترك البيان يفضي إلى المنازعة وتكون الإجارة فاسدة، وحينئذ إذا استوفى المستأجر المنفعة بعقد فاسد، فيجب عليه أجر المثل بمقتضى القياس؛ لأنه استوفى المنفعة بحكم عقد فاسد، كما عرفنا في بيان حكم الإجارة، إلا أنه بمقتضى الاستحسان يجب الأجر المسمى؛ لأن المفسد وهو الجهالة التي تفضي إلى المنازعة قد زال، وبانعدام العلة المفسدة ينعدم الفساد (١).
إصلاح العين المستأجرة: قد تحتاج الدار المؤجر ة مثلاً في مدة الإيجار إلى بعض الإصلاحات كتطيين الجدران، وانسداد مجاري المياه، وتعطل الأدوات الصحية، فمن الملتزم بالإصلاح والترميم؟
قرر الحنفية أن المؤجر صاحب الدار هو الملزم وحده دون المستأجر بتطيين الجدران وإصلاح ميازيب الدار وما ينهدم ويسقط من بنائها، حتى تكون صالحة للانتفاع؛ لأن الدار ملك للمؤجر، وإصلاح الملك يكون على المالك، لكن لا يجبر على الإصلاح؛ لأن المالك لا يجبر على إصلاح ملكه، وإنما يثبت للمستأجر الخيار في فسخ الإجارة؛ لأن هذا الخلل يعتبر عيباً في المعقود عليه.
وكذلك على المؤجر إصلاح دلو الماء والبئر والبالوعة والمخرج، وإن امتلأ بفعل المستأجر، لكن لا يجبر عليه لما عرفنا.
وأما المستأجر: فيلزم برفع التراب الذي يحدث من كنسه إذا انقضت مدة الإجارة؛ لأن التراب حدث بفعله، فصار كتراب وضعه في الدار.
والقياس يقضي بأن المستأجر هو المطالب بنقل ما يمتلئ به المخرج والبالوعة، لأن الملء حدث بفعله، فيلزمه نقله كالكناسة والرماد، إلا أن الحنفية استحسنوا
(١) راجع لكل ما ذكر تكملة فتح القدير: ٧ص١٦٦ ومابعدها، البدائع: ٤ص١٨٣، ٢٠٧، تبيين الحقائق للزيلعي: ٥ ص١١٣ ومابعدها، رد المحتار على الدر المختار: ٥ ص١٩، ٥٥.