وأما الزنديق: فهو الذي يظهر الإسلام، ويستسر بالكفر، وهو المنافق، كان يسمى في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم منافقاً، ويسمى اليوم زنديقاً، وهو يختلف عن المنافق في السعاية بالفساد والدعوة السرية لهدم الإسلام وتشكيك المسلمين بعقائدهم.
وحكمه عند الجمهور غير المالكية كالمرتد على الخلاف والتفصيل السابق، فمال الزنديق عند الشافعية والحنابلة في بيت المال.
وقال المالكية: يورث الزنديق خلافاً لسائر المرتدين، فيرثه ورثته المسلمون، إذا كان يظهر الإسلام.
والخلاصة: إن الردة في الجملة تمنع الإرث، وقد عدها بعضهم مانعاً خاصاً غير اختلاف الدين؛ لأن للارتداد أحكاماً خاصة. فالمرتد لا يرث أحداً غيره مطلقاً، ولا يورث عند الجمهور غير الحنفية، ويورث عند الصاحبين مطلقاً، ويورث فقط ماله الذي اكتسبه حال الإسلام عند أبي حنيفة.
[المانع الرابع ـ اختلاف الدارين]
المراد بالدار: الوطن الذي له منعة خاصة وسلطان مستقل. والمراد باختلاف الدارين: أن يكون كل من الوارث والمورث تابعاً لدولة تخالف الأخرى في المَنَعة (القوة أو الجيش) والمُلْك (السلطة) مع انقطاع العصمة بينهما، كأن يكون أحدهما من الهند والآخر من السويد.
ويظهر هذا المانع بين دار الإسلام ودار الحرب أو بين أجزاء دار الحرب نفسها. أما دار الإسلام أو بلاد المسلمين، فتعتبر وطناً واحداً للمسلمين، فيرث المسلم في أي بلد آخر؛ لأن الإسلام صيَّر بلاد المسلمين وطناً واحداً، مهما تباعدت الديار، واختلفت الأنظمة وانقطعت الصلات. فلو مات مسلم في دار