له سماع الدعوى فيها، متى ثبت ذلك باعتراف وإقرار، وكان في وسعه الوفاء بها لتمكنه وإيساره، لأن في تأخير أدائها منكراً هو منصوب لإزالته.
وأما أوجه الخلاف فهي أربعة:
الأول ـ ليس للمحتسب سماع الدعاوى الخارجة عن ظواهر المنكرات في العقود والمعاملات وسائر الحقوق والمطالبات، فهي من اختصاص القضاء.
الثاني ـ تقتصر الدعاوى التي يسمعها المحتسب على الحقوق المعترف بها، فأما ما يتداخله التجاحد والتناكر، فلا يجوز له النظر فيه، لأن الحاكم فيها يحتاج إلى سماع بيِّنة وإحلاف يمين، ولا يجوز للمحتسب أن يسمع بيِّنة على إثبات الحق، ولا أن يحلف يميناً على نفي الحق.
وهذان الوجهان يدلان على أن الحسبة أدنى رتبة من القضاء.
الثالث ـ للمحتسب أن ينظر فيما يختص به دون حاجة إلى مدّعٍ متظلم. أما القاضي فلا يحق له النظر في نزاع من دون ادعاء أو شكوى.
الرابع ـ عمل المحتسب يتسم بالشدة والسلاطة والقسوة، لأن الحسبة موضوعة للرهبة. وأما عمل القاضي فيتسم بالحلم والأناة والوقار، لأن القضاء موضوع للمناصفة.
وهذان الوجهان يدلان على أن الحسبة تزيد رتبة عن القضاء.