للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً ـ تقابض بدلي الصرف في مجلس إقالة عقد الصرف: وهذا واضح على أصل أبي يوسف. وأما على أصل أبي حنيفة فلأن قبض البدلين إنما وجب حقاً لله تعالى، والإقالة وإن كانت فسخاً في حق العاقدين فهي بيع جديد في حق ثالث، وحق الشرع هنا بمثابة ثالث، فتكون الإقالة بيعاً في حقه. وهذا شرط متفق عليه.

ثالثاً ـ أن يكون محل العقد محتملاً للفسخ عند أبي حنيفة وزفر؛ لأن الإقالة فسخ للعقد عندهما، فإن لم يكن محتملاً للفسخ بأن ازداد زيادة تمنع الفسخ لاتصح الإقالة.

وعند الصاحبين: لا يشترط هذا الشرط؛ لأن الإقالة على أصل أبي يوسف بيع، والزيادة تحتمل البيع، فيظل محل العقد محتملاً للإقالة.

وأما على أصل محمد: فإن الإقالة وإن كانت فسخاً، لكن عند الإمكان ولا إمكان هنا لأنه إذا حصلت زيادة في المبيع يتعذر الفسخ.

رابعاً ـ قيام المبيع وقت الإقالة؛ لأن الإقالة رفع العقد، والمبيع محله، فإن كان هالكاً كله وقت الإقالة لم تصح، وإن هلك بعضه لم تصح الإقالة بقدره.

وأما قيام الثمن وقت الإقالة فليس بشرط.

وجه الفرق أن رفع البيع يستدعي قيام البيع، فإن رفع المعدوم محال وقيام البيع بالمبيع لا بالثمن؛ لأن الأصل هو المبيع، ولهذا شرط وجوده عند البيع، بخلاف الثمن. فإذا هلك المبيع لم يبق محل حكم المبيع، فلا تتصور الإقالة التي هي رفع حكم البيع في الحقيقة، وإذا هلك الثمن فمحل حكم البيع قائم، فتصح الإقالة (١).

ويترتب على الإقالة انحلال العقد وزوال آثاره أو ارتفاع حكمه.


(١) البدائع: ٥ ص ٣٠٨ ومابعدها، فتح القدير: ٥ ص ٢٥٠ ومابعدها، الدر المختار: ٤ ص ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>