الثالثة ـ جهالة الأجل: كما إذا باع إلى أجل كذا أو كذا، فيفسد البيع لأن الأجهل مجهول. وكذا الجهالة في مدة خيار الشرط تفسد البيع، ودليل الفساد: هو أن النبي صلّى الله عليه وسلم «نهى عن بيع حبل الحبلة» بحسب المعنى الذي فسره به ابن عمر راوي الحديث: وهوالبيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة مافي بطنها، ثم تلد التي ولدتها. فالنهي ورد على التأجيل إلى أجل مجهول.
ولو باع إلى قدوم الحاج والحصاد والدياس أو الدراس (دوس الحب بالقدم ونحوها) والقطاف (قطاف العنب) والجزاز (جز صوف الغنم) فالبيع فاسد؛ لأن هذه الجهالة مفضية إلى النزاع بسبب تقدم هذه الأوقات وتأخرها.
ولو باع شخص إلى هذه الآجال، ثم تراضى الطرفان على إسقاط الأجل قبل أن يأخذ الناس في الحصاد والدياس وقبل قدوم الحاج، جاز البيع؛ لأن الفساد للمنازعة، وقد ارتفع قبل تقرره، وهذه الجهالة ليست في صلب العقد، وإنما هي في أمر خارج: وهو الأجل (١).
الرابعة ـ الجهالة في وسائل التوثيق: كما لو اشترط البائع تقديم كفيل أو رهن بالثمن المؤجل فيجب أن يكونا معينين، وإلا فسد البيع.
هذا هو تفصيل مذهب الحنفية في بيع المجهول.
وقال المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية: لا يجوز بيع عين مجهولة كسيارة من سيارات أو ثوب من ثوبين أو أثواب، ولا بيع بثمن مجهول ولا بثمن مؤجل إلى أجل مجهول ونحو ذلك، ويكون البيع حينئذ باطلاً، لوجود الغرر بسبب جهالة المبيع، وقد نهى الرسول صلّى الله عليه وسلم عن بيع الغرر. ومن هنا قرروا في
(١) فتح القدير: ٣٢٢/ ٥ ومابعدها، المبسوط: ٢٦/ ١٣، رد المحتار: ١٢٥/ ٤.