للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني ـ حق حبس الرهن]

حق الحبس: يترتب على تعلق الدين بالمرهون؛ لأن التعلق شرع وسيلة لوفاء الدين من المرهون أو من غيره، ولا يتم التعلق على وضع مأمون إلا بحبس مايتعلق به الدين لدى المرتهن، حتى يكون حبسه حاملاً للمدين على الوفاء، مخافة بيع المال المحبوس جبراً عنه عند إبائه. فكان تعلق الدين بالرهن، وحبس المرهون من عناصر التوثق.

وبناء عليه قال الحنفية (١): يترتب على صحة الرهن ثبوت حق المرتهن في حبس العين المرهونة، على وجه الدوام، وعدم تمكين الراهن من استرداد المرهون قبل وفاء الدين؛ لأن الرهن شرع للتوثق، والتوثق لا يكون إلا بحبس ما يكون به الوفاء، وهو المال المرهون.

وإثبات حق الحبس يكون عند الحنفية بإثبات يد استيفاء الدين للمرتهن على المرهون؛ لأن معنى الاستيفاء: هو ملك عين المستوفى، وملك اليد عليه معاً، وبما أن ملك عين المرهون ممنوع شرعاً بالحديث الصحيح: «لا يغلق الرهن من صاحبه» بقي ملك اليد، ويصير موجب عقد الرهن الذي شرع وثيقة للاستيفاء: وهو ثبوت ملك اليد فقط دون ملك العين؛ لأنه مدلول لفظ الرهن لغة وهو الحبس، والمعاني الشرعية تثبت على وفق المعاني اللغوية.

وبما أن المرهون عين لها مالية، والوفاء إنما هو بماليتها، كانت يد المرتهن هي بالنظر إلى ماليتها، فتكون يد استيفاء بالنسبة لماليتها، فتقتصر على ما يقابل الدين من ماليتها، والزائد عنه أمانة في يد المرتهن.


(١) المبسوط: ٦٣/ ٢١، البدائع: ١٤٥/ ٦، تبيين الحقائق: ٦٤/ ٦ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ١٩٤/ ٨ - ١٩٦، الدر المختار: ٣٤٥/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>