للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيحرم الالتقاط، لما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يأوي الضالة إلا ضال» (١).

٢ - وأما حكمها من حيث الضمان وعدمه: فقال الحنفية: اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها، أو بمنع تسليمها لصاحبها عند الطلب، وذلك إذا أشهد الملتقط على أنه يأخذها ليحفظها ويردها إلى صاحبها؛ لأن الأخذ على هذا الوجه مأذون فيه شرعاً، قال صلّى الله عليه وسلم: «من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل» (٢). وهو أمر يقتضي الوجوب، ولأنه إذا لم يشهد كان الظاهر أنه أخذها لنفسه، ويكفيه للإشهاد أن يقول: من سمعتموه ينشد لقطة فدلوه علي.

وكذلك تكون أمانة إذا تصادق صاحب اللقطة والملتقط أنه التقطها ليحفظها للمالك.

فإن لم يشهد الملتقط ولم يتصادقا، وإنما قال الآخذ: أخذتها للمالك وكذبه المالك يضمن اللقطة عند أبي حنيفة ومحمد؛ لأن الظاهر أنه أخذ اللقطة لنفسه، لا للمالك.

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: اللقطة أمانة، ولكن لا يشترط الإشهاد على اللقطة وإنما يستحب فقط، وإذا لم يشهد الآخذ فلا يضمن عندهم وعند أبي يوسف أيضاً؛ لأن اللقطة وديعة، فلا ينقلها ترك الإشهاد من الأمانة إلى الضمان،


(١) رواه مسلم وأحمد عن زيد بن خالد بلفظ: «لا يأوي الضالة إلا ضال ما لم يعرِّفها» ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بلفظ «لا يأوي الضالة إلا ضال» (نيل الأوطار: ٣٣٨/ ٥، ٣٤٤، سبل السلام: ٩٤/ ٣).
(٢) رواه أحمد وابن ماجه عن عياض بن حمار، ورواه أيضاً أبو داود والنسائي والبيهقي والطبراني وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان (نيل الأوطار: ٣٣٨/ ٥، نصب الراية: ٤٦٦/ ٣، سبل السلام: ٩٦/ ٣، الالمام: ص ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>