يرى أبو حنيفة: أن الحلق يختص بالزمان والمكان، فزمانه: أيام النحر، ومكانه الحرم، فلو أخر الحلق عن أيام النحر أو حلق خارج الحرم، يجب عليه دم؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم حلق في أيام النحر في الحرم، فصار فعله بياناً لمطلق الكتاب، ويجب عليه بتأخيره دم؛ لأن تأخير الواجب بمنزلة الترك في حق وجوب الجابر.
وقال المالكية: لو أخر الحلق ولو سهواً لبلده، ولو قربت، فعليه دم.
أما لو أخر الحلق عن أيام الرمي الثلاثة بعد يوم النحر، ففي قول ضعيف عليه دم، والمقرر في المدونة ألا دم عليه، فإن حلق بمكة أيام التشريق، أو بعدها، أو حلق في الحل في أيام منى، فلا شيء عليه.
وقال الشافعية، والحنابلة في الراجح من الروايتين عندهم: يدخل وقت الرمي والذبح والحلق بنصف ليلة النحر، لكن السنة تقديم رمي، فنحر، فحلق، فطواف إفاضة.
والحلق والطواف والسعي لا آخر لوقتها، فلا دم على من أخر الحلق عن أيام منى أو قدمه على رمي، أو نحر أو طاف قبل رمي ولو كان عالماً، ودليلهم أن الله تعالى بيَّن أول وقت الحلق بقوله:{ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي مَحِلَّه}[البقرة:١٩٦/ ٢]،ولم يتبين آخره، فمتى أتى به أجزأه كطواف الزيارة والسعي، ولأن الأصل عدم التأقيت، ويبقى الحاج محرماً حتى يأتي بما عليه من الحلق والطواف والسعي، لكن الأفضل فعلها يوم النحر، ويكره تأخيرها عن يوم النحر، ويكون تأخيرها عن أيام التشريق أو عن خروجه عن مكة أشد كراهة.