للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السرقة من جوع. وأضاف الحنابلة شرط كون السارق عالماً بمسروق وبتحريمه اعتباراً بما في ظن المكلف (البالغ العاقل). أما إذا سرق الولد من مال أحد أبويه فيقطع عند المالكية، ولايقطع عند بقية المذاهب، لأن الولد يتبسط في مال والديه عادة، فتكون هناك شبهة في إسقاط الحد.

شروط المسروق: يشترط في المسروق عدة شروط:

١ - أن يكون المسروق مالاً متقوما (١): والمراد بالمال: ما يتموله الناس ويعدونه مالاً؛ لأن ذلك يشعر بعزته وخطره عندهم، وما لا يتمولونه فهو تافه حقير، ولا تقطع اليد في الشيء التافه، كما كان عليه عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم. والمراد بالمتقوم: ما كان له قيمة يضمنها متلفه عند اعتدائه عليه.

وبناء على هذا: لو سرق إنسان صبياً حراً، لا تقطع يده، لأن الحر ليس بمال (٢)، وإنما يعزر. ولو سرق شخص خمراً أو خنزيراً أو جلد ميتة لا تقطع يده أيضاً؛ لأنه لا قيمة للخمر والخنزير في حق المسلم، ولا مالية في جلد الميتة، وهذا شرط متفق عليه. ولا قطع بسرقة أدوات الملاهي كالعدد والمزمار، والأصنام والصلبان؛ لأنها غير متقومة فلا يباح استعمالها، وإزالة المعصية أمر مندوب إليه.

٢ - أن يكون المال المسروق مقدرا ً: أي له نصاب، فلا يقطع السارق في الشيء التافه. واختلف الفقهاء في مقدار النصاب: فقال الحنفية: نصاب السرقة دينار أو عشرة دراهم، أو قيمة أحدهما (٣)، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا قطع فيما دون


(١) البدائع: ٦٧/ ٧، المهذب: ٢٨٠/ ٢ وما بعدها، القوانين الفقهية: ص ٣٥٩، غاية المنتهى: ٣٣٦/ ٣.
(٢) فتح القدير: ٢٣٠/ ٤.
(٣) المبسوط: ١٣٧/ ٩، البدائع: ٧٧/ ٧، فتح القدير: ٢٢٠/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>