للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا صمنا برؤية عدل، ولم نر الهلال ثلاثين، أفطرنا في الأصح، وإن كانت السماء صحواً، لكمال العدد بحجة شرعية.

وقال الحنابلة (١): يقبل في إثبات هلال رمضان قول مكلف عدل واحد ظاهراً وباطناً ذكراً أو أنثى حراً أو عبداً، ولو لم يقل: أشهد أو شهدت أني رأيته، فلا يقبل قول مميز ولا مستور الحال لعدم الثقة بقوله في الغيم والصحو، ولو كان الرائي في جمع كثير ولم يره منهم غيره. ودليلهم الحديث المتقدم أنه صلّى الله عليه وسلم صوَّم الناس بقول ابن عمر، ولقبوله خبر الأعرابي السابق به، ولأنه خبر ديني وهو أحوط، ولا تهمة فيه، بخلاف آخر الشهر، ولاختلاف حال الرائي والمرئي، فلو حكم حاكم بشهادة واحد، عمل بها وجوباً. ولا يعتبر لوجوب الصوم لفظ الشهادة، ولايختص بحاكم، فيلزم الصوم من سمعه من عدل. ولا يجب على من رأى الهلال إخبار الناس أو أن يذهب إلى القاضي أو إلى المسجد. ويجب الصوم على من ردت شهادته لفسق أو غيره، لعموم الحديث: «صوموا لرؤيته» ولا يفطر إلا مع الناس؛ لأن الفطر لا يباح إلا بشهادة عدلين. وإن رأى هلال شوال وحده لم يفطر لحديث أبي هريرة يرفعه قال: «الفطر يوم يفطرون، والأضحى يوم يضحون» (٢) ولاحتمال خطئه وتهمته، فوجب الاحتياط. وتثبت بقية الأحكام إذا ثبتت رؤية هلال رمضان بواحد من وقوع الطلاق المعلق به، وحلول آجال الديون المؤجلة إليه، وغيرها كانقضاء العدة والخيار المشروط ومدة الإيلاء ونحوها تبعاً للصوم.

ولا يجب الصوم - كما تقدم - بالحساب والنجوم ولو كثرت إصابتها، لعدم استناده لما يعول عليه شرعاً.


(١) كشاف القناع: ٣٥٢/ ٢ - ٣٥٨، المغني: ١٥٦/ ٣ - ١٦٣.
(٢) رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>