للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلايجوز الرهن بها بالاتفاق؛ لأن قبض الرهن مضمون، فلا بد من أن يقابله مضمون، أي لا رهن إلا بمضمون، ليصبح القبض موصلاً إلى الاستيفاء.

وإن كانت العين مضمونة بنفسها: وهي التي يجب ضمان مثلها إن كان لها مثل، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل كالمغصوب في يد الغاصب، والمقبوض على سوم الشراء، والمهر في يد الزوج، وبدل الخلع في يد الزوجة، وبدل الصلح عن دم العمد، فيجوز الرهن بها عند الحنفية، وللمرتهن أن يحبس الرهن حتى يسترد العين المرهون بها. وإن هلك الرهن في يد المرتهن قبل استرداد العين، وهي قائمة باقية، يقال للراهن: سلِّم العين إلى المرتهن، وخذ منه الأقل من قيمة الرهن، ومن قيمة العين؛ لأن المرهون مضمون بالأقل المذكور.

وأجاز المالكية والحنابلة (١) كالحنفية كون المرهون به عيناً مضمونة بنفسها.

وقال الشافعية (٢) لا يصح الرهن بالعين التي هي أمانة أو مضمونة لاشتراطهم كون المرهون به ديناً؛ لأنه تعالى ذكر الرهن في المداينة، فلا يثبت في غيرها؛ ولأن هذه العين لا تستوفى من ثمن المرهون، وذلك مخالف لغرض الرهن عند البيع (٣).

وأما إن كانت العين مضمونة بغيرها: كالمبيع في يد البائع، فإنه مضمون بغيره، وهو الثمن، فلو هلك المبيع في يد البائع، سقط الثمن عن المشتري، فلا يصح الرهن به، في رواية النوادر عن أبي حنيفة؛ لأن قبض الرهن قبض استيفاء، ولا يتحقق معنى الاستيفاء في المضمون بغيره، إذ لو هلك الرهن في يد المشتري، لا يصير مستوفياً شيئاً بهلاك الرهن.


(١) بداية المجتهد: ٢٧٠/ ١، كشاف القناع: ٣١١/ ٣، ٤٢٤٨.
(٢) مغني المحتاج: ١٢٦/ ٢، نهاية المحتاج: ٢٦٥/ ٣، المهذب: ٣٠٥/ ١.
(٣) وبناء عليه: يعرف بطلان ما جرت به عادة بعض الناس من كونه يقف كتاباً ويشرط ألا يعار، أو لا يخرج من مكان محبوس إلا برهن (البجيرمي على الخطيب: ٥٩/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>