كذلك أجاز القانون (في المادة ٤٥٦) استثناء من اشتراط الرسمية أن تتم الهبة تحت ستار عقد من عقود المعاوضة على سبيل الصورية، فتصح الهبة المستترة دون حاجة لسند رسمي.
وأما موقف الفقهاء المسلمين من الجانب الشكلي للهبة ففيه اتجاهان:
الاتجاه الأول (١) ـ هو مذهب المالكية، والحنابلة في غير المكيل والموزون: وهو يرى الاكتفاء بمبدأ الرضائية في الهبات، فتصبح صحيحة ناقلة للملكية بمجرد قبول الموهوب له. أما القبض (أو الحيازة) فهو شرط عند المالكية لتمام ولزوم الهبة، فإن لم يحصل القبض لم تلزم الهبة، وإن كانت صحيحة.
والاتجاه الثاني - هو مذهب الحنفية والشافعية، والإمام أحمد في هبة المكيل والموزون: وهو يعنى بشكل الهبة، ولا يرتّب على مجرد التراضي أثراً شرعياً، والهبة وإن كانت تنعقد بالإيجاب والقبول، فإنها لا تلزم الواهب ولا تنقل الملكية إلا بالقبض. أي أنه يعتبر التنفيذ الاختياري من جانب الواهب هو روح الهبة في هذا الاتجاه، أما مجرد تلاقي إرادة الطرفين فلا ينشئ الهبة بمعناها الصحيح، بل مجرد وعد بالهبة، لا يلزم الواهب. وإذا تم تنفيذ هذا الوعد اختياراً من جانب الواهب تقوم الهبة وتنتج آثارها وأهمها انتقال الملكية إلى الموهوب له.
والدافع إلى هذا الاتجاه هو الحرص على احترام الطابع التبرعي للهبة الذي يجب أن يميزها عن سائر التمليكات.
وأما الأحكام الموضوعية للهبة التي تضمنها القانون المدني والتي استمدها من الفقه الإسلامي فهي مايأتي:
١ - تعريف الهبة: الهبة عقد تصرَّف بمقتضاه الواهب في مال له دون