للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا صارت الخمر خلاً، يطهر ما يجاورها من الإناء، كما يطهر أعلى الإناء (وهو الذي نقص منه الخمر) تبعاً.

وللمالكية في تخليل الخمر بمعالجة أقوال ثلاثة: قول بالمنع أو التحريم؛ لأن النبي صلّى الله عليه

وسلم أمر بإراقة راوية خمر، أهداها له رجل (١)، ولو جاز تخليلها، لما أباح له إراقتها، ولنبهه على تخليلها.

وقول بالجواز مع الكراهة؛ لأن علة تحريم الخمر الشدة المطربة، فإذا زالت زال التحريم، كما لو تخللت بنفسها.

وقول بالتفصيل: يجوز تخليل الخمر الذي تخمر عند صاحبه، بدون قصد الخمرية، ولا يجوز تخليل الخمر المتخذة خمراً.

وقال الشافعية والحنابلة: لا يحل تخليل الخمر بالعلاج، ولا تطهر حينئذ؛ لأننا مأمورون باجتنابها، فيكون التخليل اقتراباً من الخمر على وجه التموُّل، وهو مخالف للأمر بالاجتناب، ولأن الشيء المطروح في الخمر يتنجس بملاقاتها، فينجسها بعد انقلابها خلاً، ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلم أمر بإهراق الخمر بعد نزول آية المائدة بتحريمها. وعن أبي طلحة: أنه سأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً، فقال: «أهرقها» قال: «أفلا أخللها؟ قال: لا» (٢) وهذا نهي يقتضي التحريم. ولو كان إلى استصلاحها سبيل مشروع لم تجز إراقتها، بل أرشدهم إليه، لاسيما وهي لأيتام، يحرم التفريط في أموالهم (٣).


(١) رواه مالك في الموطأ وأحمد ومسلم والنسائي (نيل الأوطار: ١٦٩/ ٨) والراوية: المزادة من ثلاثة جلود يوضع فيها الماء.
(٢) أخرجه مسلم وأبو داود (نصب الراية: ٣١١/ ٤).
(٣) راجع بحثي عن (الأشربة) للموسوعة الفقهية بالكويت، أول بحث نشر من بين البحوث.

<<  <  ج: ص:  >  >>