للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - الخنِق (١):

الخنق عند أبي حنيفة قتل شبه عمد موجب للدية؛ لأنه ليس وسيلة معدة للقتل. وشرط القتل العمد عنده استعمال آلة قاتلة غالباً، ومعدة للقتل. وهو قتل عمد موجب للقصاص عند الصاحبين؛ لأنه في رأيهما وسيلة معدة للقتل، وذلك عندهما بشرط أن يدوم الجاني على الخنق بمقدار ما يموت منه الإنسان غالباً. فإن لم يتحقق هذا الشرط فلا قصاص باتفاق الحنفية (٢).

وقال المالكية (٣): الخنق عمد، سواء قصد به الجاني موت المجنى عليه، فمات، أو قصد مجرد التعذيب، ما دام هناك عدوان. فإن كان على وجه اللعب أو التأديب، فهو من القتل الخطأ.

وقال الشافعية والحنابلة (٤): الخنق عمد فيه القصاص، إن فعل به ذلك مدة يموت في مثلها غالباً، فمات، أي كما قال الصاحبان. وإن فعله في مدة لا يموت في مثلها غالباً، فمات، فهو عمد الخطأ أي شبه العمد، إلا أن يكون ذلك يسيراً في العادة بحيث لا يتوهم الموت منه، فلا يوجب ضماناً؛ لأنه بمنزلة لمسه.

وإن خنقه وتركه متألماً مثلاً حتى مات، ففيه القود؛ لأنه مات من سراية جنايته. وإن تنفس وصح بعدئذ، ثم مات، فلا قود؛ لأن الظاهر أنه لم يمت بالخنق. ورأي غير أبي حنيفة أولى سداً للباب أمام المعتدين.


(١) الخنِق ـ بكسر النون، ولا يقال بالسكون: مصدر خنق من باب نصر: إذا عصر حلقه أي حبس أنفاسه، ومنع خروج الهواء من رئتيه، سواء بالشنق، أو باليدين أو بالحبل أو بالوسادة. والخناق بكسر الخاء: حبل يخنق به.
(٢) الدر المختار ورد المحتار: ٣٨٥/ ٥ وما بعدها.
(٣) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي: ٢٤٢/ ٤.
(٤) المغني: ٦٤٠/ ٧، مغني المحتاج: ٦/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>