للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل الإحرام من الميقات أفضل أو من دار أهله؟ قال الحنفية (١): الإحرام من بلده أفضل إن كان في أشهر الحج، وأمن على نفسه، لقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة} [البقرة:١٩٦/ ٢] قال علي وابن مسعود: إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك، ولقوله صلّى الله عليه وسلم: «من أحرم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام بحج أوعمرة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة» (٢)، ولأنه أكثر عملاً، وأحرم عمر من إيليا (القدس)، وقال للضبِّي بن معبد الذي أحرم من داره: «هديت لسنة نبيك صلّى الله عليه وسلم» (٣).

وقال جمهور الفقهاء (٤): الإحرام من الميقات أفضل، لأنه الموافق للأحاديث الصحيحة، ولفعل النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، فإنهم أحرموا من الميقات، ولا يفعلون إلا الفضل، وأحرم النبي بحجة الوداع من الميقات بالإجماع، وكذا في عمرة الحديبية، كما رواه البخاري في المغازي، ولأن في مصابرة الإحرام بالتقدم عن الميقات عسراً وتغريراً بالعبادة، وإن كان جائزاً.

ويدل له قوله صلّى الله عليه وسلم: «يستمتع أحدكم بحله ما استطاع، فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه» (٥)، وروى الحسن «أن عمران بن حصين أحرم من مصره، فبلغ ذلك عمر، فغضب: وقال: يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحرم من مصره» وقال: «إن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان، فلما قدم


(١) البدائْع: ١٦٤/ ٢، اللباب: ١٧٨/ ١.
(٢) رواه أبو داود وأحمد عن أم سلمة، وفي لفظ رواه ابن ماجه: «من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له» وهو ضعيف (نيل الأوطار: ٢٩٨/ ٤).
(٣) رواه النسائي وأبو داود.
(٤) بداية المجتهد: ٣١٤/ ١، مغني المحتاج: ٤٧٥/ ١، المغني: ٢٦٤/ ٣.
(٥) رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي أيوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>