أولاً ـ ليس لصاحب الحق حرية مطلقة في ممارسته، وإما هو مقيد بعدم الإضرار بالغير، للنصوص الشرعية التي تمنع الإضرار بالغير وتحريم الاحتكار وبيع مال المحتكر جبراً عنه عند الحاجة، وتحريم العدوان على الدماء والأموال والأعراض، سواء أكان الضرر ناشئاً عن استعمال حق مشروع أم عند اعتداء محض.
ثانياً ـ نزعة الحقوق الجماعية: فلا تقتصر المصلحة المستفادة من الحق الخاص المالي على صاحبه فقط، وإنما تعود على المجتمع أيضاً؛ لأن ثروته جزء من ثروة الأمة التي يجب أن تبقى قوية استعداداً للطوارئ. بل إن للمجتمع في الظروف العادية نصيباً مفروضاً في المال الخاص عن طريق الزكاة والخراج والكفارات وصدقة الفطر وغيرها، ونصيباً مندوباً إليه عن طريق الصدقات والوصايا والأوقاف وسائر وجوه الخير والبر. وهذا ما يعبر عنه اليوم باشتراكية الحقوق.
وإذا كان للمجتمع حق في مال الأفراد، فيجب ألا يتصرف الفرد في ماله تصرفاً ضاراً؛ لأن ذلك يعد اعتداءً على حق المجتمع، واعتداءً على نفسه.
[قواعد منع التعسف في استعمال الحق]
القاعدة الأولى ـ قصد الإضرار: إذا قصد الإنسان من استعمال حقه الإضرار لا المصلحة المنشودة من الحق، كان استعماله تعسفاً محرماً، ووجب منعه. والدليل على ذلك تحريم الرجعة إضراراً بالزوجة، والوصية إضراراً بالورثة والدائنين، وسفر الزوج بزوجته بعيداً عن بلدها وأهلها إضراراً بها. ورفع الدعوى على الفضلاء بالتهم الباطلة للتشهير بهم. وإقرار مريض الموت بالدين لحرمان الورثة أو الدائنين. وطلاق مريض الموت زوجته فراراً من ميراثها. فكل ذلك تعسف حرام، وأساس هذه القاعدة هو قصد الضرر.