للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يجز المالكية خلافاً لجمهور الفقهاء كفالة المرأة في الديون إلا في حدود ثلث مالها كالمريض، لأنها محجورة عندهم عن التصرف فيما يزيد عن ثلث مالها، منعاً من الإضرار بالزوج، فإن زاد الدين عن ثلث مالها، لم يلزمها الضمان، بل يتوقف على إجازة الزوج.

ثانيهما ـ الحرية: وهذا شرط نفاذ للتصرف، فلا يجوز كفالة العبد؛ لأنها تبرع، والعبد لا يملك التبرع بدون إذن سيده، ولكن الكفالة تنعقد، حتى إن العبد يطالب بموجبها بعد عتقه.

شروط الأصيل: يشترط في الأصيل المكفول عنه شرطان أيضاً (١):

أولهما ـ أن يكون قادراً على تسليم المكفول به إما بنفسه أو بنائبه. وهذا الشرط خاص عند أبي حنيفة، فلا تصح الكفالة عنده بالدين عن ميت مفلس مات ولم يترك وفاء لدينه؛ لأنه دين ساقط، فلم يصح ضمانه، كما لو سقط بالإبراء، ولأن ذمة الميت قد زالت بالموت، فلم يبق فيها دين، والضمان: ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة به.

وقال الصاحبان وجمهور الفقهاء (٢): يصح ضمان الدين عن الميت المفلس بدليل حديث أبي قتادة السابق ذكره، فإنه ضمن دين ميت لم يترك شيئاً لوفاء دينه. والنبي صلّى الله عليه وسلم حض الصحابة على ضمان دين الميت في حديث أبي قتادة بقوله: «ألا قام أحدكم فضمنه؟» ولأن دين الميت دين ثابت، فصح ضمانه ما لو خلف وفاء لدينه. والدليل على ثبوت هذا الدين: أنه لو تبرع رجل بقضائه، جاز


(١) البدائع، المرجع السابق: ص٦، الدر المختار: ٢٦٢/ ٤، ٢٧٨، فتح القدير: ٤١٩/ ٥.
(٢) بداية المجتهد: ٢٩٤/ ٢، الشرح الكبير للدردير: ٣٣١/ ٣، المهذب: ٣٣٩/ ١، المغني: ٥٣٧/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>