للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - أن تكون الدراهم والدنانير منتقدة (١) عند أبي حنيفة؛ لأن كل جهالة تفضي إلى المنازعة، فهي مفسدة للعقد.

وقال الصاحبان: ليس هذا بشرط.

٦ - تعجيل رأس المال وقبضه فعلاً في مجلس العقد قبل افتراق العاقدين بنفسيهما، سواء أكان رأس المال عيناً أم ديناً، فإن تفرق المتعاقدان قبل القبض بطل العقد وانفسخ، لأنه يختل عندئذ الغرض المقصود من السلم، وهو الاستعانة على الإنتاج والتحصيل. فلو كان الثمن عيناً وافترق العاقدان دون قبض، اختل معنى السلم؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم يقول: «أسلفوا في كيل معلوم» (٢) والإسلاف: هو التقديم، ولأنه إنما سمي سلماً لتسليم رأس المال، فإذا تأخر لم يكن سلماً، فلم يصح، فلابد من قبض أحد العوضين ليتحقق معنى اسم السلم.

وإن كان الثمن ديناً في الذمة أي (من النقود مثلاً) فلابد من تسليمه أيضاً، حتى لايكون السلم بيعاً للدين بالدين؛ لأن المسلم فيه دين في الذمة، فلو أخر تسليم رأس مال السلم عن مجلس العقد، لكان التأخير في معنى مبادلة الدين بالدين. وقد «نهى الرسول صلّى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ» (٣) أي الدين بالدين،


(١) انتقد الدراهم: نظرها ليعرف جيدها وزيفها.
(٢) هذا مأخوذ من الحديث السابق تخريجه وهو «من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم .. الحديث» قال الشافعي: «معناه إذا أسلف أحدكم في كيل فليسلف في كيل معلوم .. » (نصب الراية: ٤٦/ ٤).
(٣) رواه الدارقطني في سننه وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم عن ابن عمر، ولفظ البزار «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وعن بيع كالئ بكالئ، وعن بيع عاجل بآجل. فالغرر: أن تبيع ماليس عندك، والكالئ: دين بدين، والعاجل بالآجل: أن يكون له عليك ألف درهم مؤجل فتعجل عنها بخمس مئة» رواه ابن عدي في الكامل، وأعله بموسى بن عبيدة، وقد صحح الحاكم رواية الدارقطني المذكورة في صلب الكلام عندنا، وتعقب بأنه تفرد به موسى بن عبيدة، وقد ضعفه أحمد إلا أنه قال: ولكن إجماع الناس على أنه لايجوز بيع دين بدين. وقال الشافعي: أهل الحديث يوهنون هذا الحديث (انظر نصب الراية: ٣٩/ ٤، مجمع الزوائد: ٨٠/ ٤، الموطأ: ١٥٣/ ٢، نيل الأوطار: ١٥٦/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>