للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حالة المحدود قياماً أو قعوداً في أثناء الجلد، فقال الحنفية: يقام الرجل، وتضرب المرأة قاعدة، وينزع عن الرجل ثيابه إلا الإزار، ويجرد عن ثيابه في كل الحدود والتعزير إلا حد القذف، فيكتفى بنزع الحشو والفرو.

وأشد الضرب: هو التعزير إذا رأى الإمام ذلك للزجر والردع، ثم الجلد في الزنا، ثم حد الشرب، ثم حد القذف؛ لأن جناية الزنا أعظم من جناية الشرب والقذف؛ لأن القذف نسبة إلى الزنا، فكان دون حقيقة الزنا، ولأن قبح الزنا ثبت شرعاً وعقلاً. أما جريمة نفس الشرب فقد ثبتت شرعاً لا عقلاً، ولهذا كان الزنا حراماً في كل الأديان بخلاف الشرب، والخمر أيضاً يباح عند المخمصة والإكراه، ولا يباح الزنا عند الإكراه وغلبة الشهوة، وكذا وجوب الجلد ثبت في الزنا بنص الكتاب العزيز، وأما حد الشرب فثبت بالاجتهاد.

وأما المرأة فلا ينزع عنها ثيابها إلا الفرو والحشو في كل الحدود؛ لأن كشف عورتها حرام، والفرو والحشو يمنعان وصول الألم إلى المضروب، والستر حاصل بدونهما، فينزعان ليتحقق الزجر، والزجرواجب (١).

وقال مالك: يضرب الرجل قاعداً لا قائماً، وكذا المرأة ويجرد الرجل في ضرب الحدود كلها ما عدا ما بين السرة والركبة؛ لأن الأمر بجلده يقتضي مباشرة جسمه (٢).


(١) البدائع: ٦٠/ ٧، تبيين الحقائق للزيلعي: ١٧١/ ٣، المبسوط: ٧١/ ٩ وما بعدها، فتح القدير: ١٢٨/ ٤.
(٢) بداية المجتهد: ٤٢٩/ ٢، حاشية الدسوقي: ٣٥٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>