للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محرماً؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز، وتأخيره عنه لا يجوز، فالاحتياط فعل ما لا شك فيه. وإن لم يحاذ ميقاتاً مما سبق، أحرم على مرحلتين (٨٩ كم) من مكة، إذ لا ميقات أقل مسافة من هذا القدر.

حكم الداخل إلى مكة بعد أن حج واعتمر: قال الشافعية (١): من حج واعتمر حجة الإسلام وعمرته، ثم أراد دخول مكة لحاجة لا تتكرر، كزيارة أوتجارة أو رسالة، أو كان مكياً مسافراً، فأراد دخولها عائداً من سفره، فهل يلزمه الإحرام بحج أو عمرة؟ فيه تفصيل:

أـ إن دخلها لقتال بغاة أو قطاع طريق أو غيرهما من القتال الواجب أوالمباح، أو دخلها خائفاً من ظالم أو غريم يمسه، وهو معسر لا يمكنه الظهور لأداء النسك إلا بمشقة ومخاطرة، لم يلزمه الإحرام بلا خلاف؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح بغير إحرام (٢)؛ لأنه كان لا يأمن أن يقاتل.

ب ـ يستحب لكل داخل إلى مكة لا يتكرر دخوله الإحرام، ويكره الدخول بغير إحرام، فمن دخل مكة لحاجة لا تتكرر كالتجارة والزيارة وعيادة المريض، فالأصح عند الشافعية أنه يستحب له الإحرام، ولا يجب مطلقاً. وقال مالك وأحمد: يلزمه، وقال أبو حنيفة: إن كانت داره في الميقات أو أقرب إلى مكة، جاز دخوله بلا إحرام، وإلا فلا.

جـ ـ من كان يتكرر دخوله كالحطاب والحشاش والصياد والسقّاء والبريد والسائقين ونحوهم، يجوز دخوله بغير نسك، لما روى ابن عباس: «لا يدخل أحد


(١) المجموع: ١٠/ ٧ - ١٦، المهذب: ١٩٥/ ١، الدر المختار: ٢١٢/ ٢ ومابعدها، الشرح الصغير: ٢٤/ ٢، المغني: ٢٦٨/ ٣ وما بعدها.
(٢) رواه مسلم والنسائي عن جابر (نيل الأوطار: ٣٠٠/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>