للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التماثل حقيقة في بيع الأموال الربوية. لكن للحاجة رخص الشافعية والحنابلة والظاهرية، وفي الراجح عند المالكية بيع العرايا (١): وهو عند الشافعية بيع الرطب على النخل خرصاً بتمر في الأرض كيلاً، أو بيع العنب على الشجر خرصاً بزبيب في الأرض كيلاً، فيما دون خمس أوسق (٢) بشرط التقابض في المجلس عند الفقهاء ما عدا المالكية، لأن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرايا (٣). وأما الحنفية فقد أجازوا بيع العرايا للضرورة فقط، وذكر الشوكاني أن أبا حنيفة منع صور بيع العرايا كلها، وقصر العرية على الهبة: وهي أن يهب صاحب البستان لرجل ثمر نخلات معلومة من بستانه، ثم يتضرر بدخوله عليه، فيخرصها، ويشتري رطبها منه بقدر خرصه بتمر معجل أي بقدر ما وهبه له من الرطب بما يساويه تخميناً من التمر (٤).

ويلاحظ أن هذه البيوع غير الصحيحة بسبب الغرر، منها الباطل، ومنها الفاسد في اصطلاح الحنفية، والفاسد منها فقط: هو بيع ضربة القانص والغائص والمزابنة والمحاقلة والملامسة والمنابذة وبيع الحصاة، وبيع ثوب من أثواب ونحوها


(١) العرايا: جمع عَرِيّة، والعرية: النخلة المعراة والتي أكل ما عليها، وهي في الأصل: عطية ثمر النخل دون الرقبة، وقال الجوهري: هي النخلة التي يعريها (أي يعطيها) صاحبها رجلاً محتاجاً بأن يجعل له ثمرها عاماً، من عراه: إذا قصده. وتكون العرية في اللغة: هي الشجرة التي يفردها مالكها للأكل، سميت بذلك لأنها عريت عن حكم جميع أشجار البستان.
(٢) الوسق: ستون صاعاً بصاع النبي صلّى الله عليه وسلم والخمسة أوسق تساوي ٢٥٧ رطلاً شامياً أي قنطارين ونصف تقريباً أو ٦٥٣ كغ. وقد قصر الحنابلة والظاهرية بيع العرايا على ثمر النخل دون العنب، وأجازه مالك في كل ماييبس ويدخر كالجوز واللوز والتين.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم من حديث سهل بن أبي حثمة، وأخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق (شك من الراوي) والمقصود من بيع الثمر بالتمر أي بيع ثمر النخلة الجديد بالتمر القديم (راجع نصب الراية: ٤ ص ١٣، نيل الأوطار: ٥ ص ٢٠٠).
(٤) نيل الأوطار: ٥ص٢٠١، مختصر الطحاوي: ص٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>