وقال الصاحبان والكرخي: ينبغي أن تكون الدراهم مضروبة؛ لأن اسم الدراهم في الحديث يطلق على المضروبة عرفاً، وهو ظاهر الرواية، وهو الأصح، وهو قول الجمهور. فلو سرق تبراً (أي فضة غير مضروبة صكاً) أو نُقْره (هي القطعة المذابة من الذهب والفضة أي السبيكة) قيمتها أقل من عشرة دراهم مضروبة لا يقطع، فإذا ساوت قيمتها عشرة دراهم مسكوكة فأكثر، يقطع سارقها (١).
[وقت اعتبار قيمة المسروق]
قال جمهور الحنفية: يجب أن تكون قيمة المسروق عشرة دراهم، من وقت السرقة، إلى وقت القطع، فإن نقص المسروق: فإما أن يكون نقصان العين أو نقصان السعر.
فإذا نقصت قيمة المسروق بانتقاص عينه: بأن دخله عيب أو ذهب بعضه، فيقام الحد؛ لأن نقصان العين هو هلاك بعض المسروق، وهلاك جميع المسروق لا يسقط الحد، فهلاك بعضه لا يسقطه من باب أولى.
وإن كان نقصان السعر: بأن صار يساوي ثمانية دراهم مثلاً، بعد أن كان يساوي عشرة، فهناك روايتان:
ظاهر الرواية: أنه لا يقطع؛ لأن نقصان السعر يورث شبهة نقصان في المسروق وقت السرقة؛ لأن العين بحالها لم تتغير، فيحصل النقصان الطارئ كالموجود عند السرقة، بخلاف نقصان العين؛ لأنه يوجب تغير العين، بهلاك بعضها، والهلاك مضمون على السارق، فلا يمكن افتراض وجوده عند السرقة.
وروي عن محمد وهو قول مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى: أنه
(١) فتح القدير: ٢٢٢/ ٤، حاشية ابن عابدين: ٢١١/ ٣، البدائع: ٧٨/ ٧، المبسوط: ١٣٨/ ٩، مغني المحتاج: ١٥٨/ ٤.