وكلا هذين النوعين يعد قرضاً، وتكون الزيادة المحددة من ربا الديون، وكلاهما من القروض الإنتاجية الربوية، فهما حرام مثل ودائع البنوك التي هي قرض، سواء قصد بها مجرد الإيداع كالحساب الجاري، أم الاستثمار مع الإيداع وهي الودائع ذات الفائدة.
وأما المجموعة أو الفئة (ج): فلا تعطي ربحاً محدداً كل سنة، ولكنها خصصت مبلغاً من أرباحها تمنحه للمتعاملين معها بالقرعة. وقد انزلق بعض العلماء فأفتى بجوازها بناء على أن المال كله من جانب رب المال، والربح كله للعامل في مقام تبرع صاحب المال له به كله، وهذا جائز على المشهور من مذهب مالك. وجاء في التقنين المالكي ص ٣٠٠ ما يفيد إباحة فوائد صندوق التوفير اعتماداً على وجهين:
أحدهما ـ أن هذه معاملة لم تكن موجودة في عصر نزول التشريع الإسلامي، فتكون من قبيل المسكوت عنه، فتكون مباحة شرعاً؛ لأنها معاملة نافعة لكل من العامل ورب المال، ولا ضرر فيها لواحد منهما. ولأن الكثير الغالب هو حصول العامل على نصيب وافر من الربح، والحكم الشرعي يبنى على الكثير الغالب، لا على القليل النادر وهو احتمال الخسارة.
والثاني ـ أن هذه المعاملة من قبيل القراض، وهو جائز بالإجماع، لأنها نوع من أنواعه، ويتغاضى عن اشتراط كون الربح جزءاً شائعاً لا قدراً معيناً؛ لأن القراض العادي يقع بين أفراد الناس، وهذه المعاملة مع مؤسسة للدولة!!
والحق أن هذه المجموعة الثالثة حرام أيضاً لاعتمادها على الميسر أو القمار، من طريق تقسيم مجموع الربا إلى مبالغ مختلفة، لتشمل عدداً أقل من مجموع عدد المقرضين، موزعة باسم الجوائز عن طريق القرعة، وفي هذا أيضاً غبن واضح؛ لأن صاحب قرض ضئيل قد يأخذ آلاف الدنانير أو الليرات، وصاحب الآلاف قد لايأخذ شيئاً.