للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الحنفية)، إذ لا ضرورة لفعل السرقة، ويرى جمهور الفقهاء أنه لا إثم ولا حد، عملاً بمقتضى إطلاق الحديث السابق: «إن الله تجاوز عن أمتي» فهذا الحديث ناطق بالعفو عن موجب الإكراه مطلقاً؛ تاماً أو ناقصاً.

النوع الثاني وفيه بحثان:

١ً ـ الإكراه على الكفر: إذا كان الإكراه تاماً، فلا يحكم بالردة، ولا تبين امرأة المستكره اتفاقاً بين الفقهاء، ما عدا المالكية فيما إذا كان التهديد بغير القتل، وأقدم المهدد على الكفر، فإنه يرتد عندهم؛ لأن غير القتل أقل خطورة من الكفر.

وإن كان الإكراه ناقصاً، وتلفظ المستكره بالكفر لا يصبح مرتداً عند الشافعية والحنابلة والظاهرية، عملاً بقوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .. } [النحل:١٦/ ١٠٦].

وقال المالكية والحنفية: يحكم بكفر المستكره إكراهاً ناقصاً، ويصبح مرتداً تلحقه أحكام المرتدين؛ لأنه ليس بمكره حقيقة بل أقدم على ما أقدم عليه لدفع الغم عن نفسه لا للضرورة. ويظهر أن الرأي الأول أرجح عملاً بالنص.

ويجري هذا الخلاف في الإكراه على الصلاة للصليب أو على السجود للصنم.

وإذا كان الإكراه على الكفر لا يجعل المستكره كافراً، فإن الإكراه على الإسلام يجعل المستكره مسلماً كما تقدم، والفرق بين الحالتين: أن الإيمان في الحقيقة تصديق، والكفر تكذيب، وذلك يحصل في القلب، والإكراه لا شأن له بالقلب، ففي حالة الاختيار جعل اللسان دليلاً على ما في القلب ظاهراً، وفي حالة الإكراه على الكفر لا يجعل اللسان دليلاً على ما في القلب؛ لأن الإيمان أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>