للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما اليمين: فهي حجة المدعى عليه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «واليمين على المدعى عليه» فإن حلف المدعى عليه، قضى القاضي بفصل الدعوى، وتنتهي الخصومة بين طرفي الدعوى إلى أن يتمكن المدعي من إقامة البينة.

وإن نكل عن اليمين، فهل ترد اليمين إلى المدعي أو يقضى عليه بالنكول؟ فيه رأيان للفقهاء، أذكرهما فيما يلي:

رد اليمين والقضاء بالنكول: إذا أبى المدعى عليه أن يحلف، هل يحلف المدعي، أو يقضى له بنكول صاحبه عن اليمين (١)؟ اختلف العلماء في الموضوع.

قال المالكية: ترد اليمين على المدعي بعد النكول في الأموال ما يؤول إليها فقط كخيار وأجل. وذلك إذا ثبتت الدعوى، أما مجرد دعوى الاتهام فلا ترد على المدعي.

وقال الشافعية: ترد اليمين على المدعي في جميع الحقوق ما عدا جنايات الدماء والحدود، ويقضى له بمدعاه، ولا يقضى بنكول المدعى عليه. وتعتبر اليمين المردودة إقراراً تقديرياً. وهذا هو الذي صوبه الإمام أحمد، فيكون رأي مالك والشافعي وأحمد هو القول برد اليمين، لكن المختار عند الحنابلة القول بعدم رد اليمين.

استدل الجمهور بما روى ابن عمر: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم رد اليمين على طالب الحق» (٢) ولأن المدعى عليه إذا نكل عن اليمين بعد أن طلبت منه، ظهر صدق


(١) النكول: استنكاف الخصم عن حلف اليمين الموجهة عليه من القاضي (المدخل الفقهي للأستاذ الزرقاء: ص ١٠٥١، الطبعة السادسة) وقال في البحر الزخار: ٤/ ٤١٠: النكول لغة: التأخر عن لقاء العدو، وشرعاً عن اليمين الواجبة.
(٢) رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد ضعيف، والحاكم وصحح إسناده (سبل السلام: ٤/ ١٣٦، تلخيص الحبير: ٤/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>