للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني - أثر التوبة الصادقة في الجزاءات أو العقوبات الأخروية]

يترتب على التوبة النصوح ـ كما ذكر ـ إسقاط عقوبة المعصية قطعاً فيما بين التائب وبين الله تعالى، لأن التوبة تسقط أثر المعصية (١)، ولو كانت أعظم الجرائم التي هي الكفر أو الشرك بالله، لأنه يغفر كل ذنب للتائب إلا إذا أصر عليه فلا يغفر (٢)، قال الله تعالى: {غافر الذنب وقابل التوب} [غافر:٣/ ٤٠] وقال سبحانه: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف، وإن يعودوا، فقد مضت سنة الأولين} [الأنفال:٨/ ٣٨] {إن الله يغفر الذنوب جميعاً} [الزمر:٥٣/ ٣٩]: أي بشرط التوبة في رأي الزمخشري وغيره.

روى مسلم من حديث عمرو بن العاص، قال: لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم، قلت: ابسط يدك أبايعك فبسط يمينه، فقبضت يدي، فقال: (مالك؟) قلت: أردت أن اشترط، قال: «تشترط بماذا؟» قلت: أن يغفر لي، قال: «أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله».

ويؤيد ذلك أحاديث نبوية كثيرة منها: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (٣) «لو أخطأتم حتى تبلغ السماء، ثم تبتم لتاب الله عليكم» (٤) «والذي نفسي بيده لو


(١) مغني المحتاج: ١٨٤/ ٤.
(٢) تفسير الألوسي: ٥٢/ ٥، تفسير الكشاف: ٤٠١/ ١، ٣٦/ ٣.
(٣) رواه ابن ماجه والطبراني من حديث عبد الله بن مسعود ورواه ابن أبي الدنيا والبيهقي مرفوعاً أيضاً من حديث ابن عباس وزاد (والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه).
(٤) رواه ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>