للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتوكيل، ولا يصح التوكيل باليمين؛ لأن المقصود منها إظهار صدق الحالف وتعتمد على الإجلال والتعظيم والعبودية لله تعالى، وهذا أمر شرعي، ولا يصح التوكيل بالنكاح بمعنى الوطء؛ لأن المقصود به الإعفاف وإنجاب ولد ينسب إليه.

وتجوز الوكالة عند الجمهور في العبادات التي لها تعلق بالمال قبضاً وإخراجاً ودفعاً إلى المستحق كالزكاة والكفارة والنذر والصدقة والحج والعمرة عند العجز وبعد الموت، وذبح الهدي وجبران النقص في الإحرام بالحج أو العمرة وذبح الأضحية ونحوها (١)؛ لأن المقصود بها إيصالها لأهلها، ولم يجز المالكية التوكيل بالحج؛ لأن المقصود به تهذيب النفس وتعظيم شعائر الله (٢)، وأما إنفاق المال فهو أمر عارض.

وقد اختلف الفقهاء في بعض الأمور التي يجوز التوكيل بها، مما يقتضينا قسمة ما يجوز التوكيل به وما لا يجوز إلى قسمين: إما أن يكون التوكيل بحقوق الله عز وجل وهي كل الحدود عند الحنفية، وعند غيرهم ما عدا حد القذف. وإما أن يكون بحقوق العباد.

أولاً ـ الوكالة في حقوق الله تعالى: التوكيل في حقوق الله تعالى نوعان: أحدهما ـ بالإثبات، والثاني ـ بالاستيفاء.

١ - التوكيل بإثبات الحدود: قال الحنفية: إن كان الحد لايحتاج في إظهاره


(١) تكملة ابن عابدين: ٢٧١/ ٧، بداية المجتهد: ٢٩٧/ ٢، مغني المحتاج: ٢١٩/ ٢، المغني: ٨٣/ ٥، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: ٣٧٧/ ٣ ومابعدها، روضة الطالبين: ٢٩٤/ ٤.
(٢) وضع الشافعيةضابطاً لما يجوز التوكيل فيه وما لا يجوز، فقالوا: تصح الوكالة إلا في مجهول مطلق، كأن وكله في كل قليل وكثير، وإلا في حد أو قود، أو قبض في مال ربوي أو رأس مال سلم، وإلا في وطء، أو شهادة، أو يمين كإيلاء أو لعان، أو إقرار، أو ظهار، أو عبادة إلا نُسكاً من حج أوعمرة، وتفرقة زكاة وذبح أضحية (تحفة الطلاب: ص ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>