للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول ـ إرث غير المسلمين]

أشرت في موانع الإرث إليه، وبينت أن اختلاف الدين إسلاماً وكفراً مانع ـ عند الجمهور خلافاً لبعض الصحابة كمعاذ ومعاوية ـ من موانع الإرث، فلا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر، كما نصت أحاديث السنة.

والمعروف أن المرتد لا يرث غيره أصلاً، ولا يورث عند الجمهور، وإنما يكون ماله فيئاً يوضع في بيت المال. وقال أبو حنيفة: يورث عنه ماله الذي اكتسبه حال إسلامه فيكون توريثاً للمسلم من المسلم، وأما الذي اكتسبه بعد الردة، فيكون فيئاً لبيت المال، إذ لو أخذه ورثته لكان توريثاً للمسلم من غير المسلم، وهو لا يجوز. وأما المرتدة فمالها مطلقاً لورثتها؛ لأنها لا تقتل بسبب ردتها، بل تستتاب وتعزر حتى تعود إلى الإسلام أو تموت، فردتها لاتعتبر موتاً، والإسلام في حقها معتبر، بخلاف المرتد، فإنه يقتل بعد أن يستتاب ثلاثة أيام ولم يتب، فردته تعتبر في حقه موتاً، ولا يمكن اعتبار الإسلام في حقه حينئذ، فلا يكون أهلاً للملك، فلا يثبت حق الورثة فيما اكتسبه في حال الردة، فيصبح ككل الأموال التي لا مالك لها حقاً لبيت المال (١).

وأوضحت أيضاً أن غير المسلمين ملة واحدة، ولو اختلفت عقائدهم، فيرث عند الجمهور غير المالكية بعضهم من بعض، فاليهودي والنصراني يتوارث، لقوله تعالى: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} [الأنفال:٧٣/ ٨] من غير تفرقة.

يظهر مما ذكر أن غير المسلمين يتوارثون فيما بينهم بالأسباب التي يتوارثان بها المسلمون من قرابة وزوجية، لكن قد يتوارثون في بعض حالات الزواج والقرابة، التي لا يتوارث بها المسلمون.


(١) السراجية: ص ٢٢٥، اللباب: ١٩٧/ ٤، المغني: ٢٩٨/ ٦ - ٣٠٣، كشاف القناع: ٥٢٨/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>