للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المضارب يملك الدفع على وجه الإيداع، وهذا الدفع على وجه المضاربة، فإذا دفع صار بالدفع مخالفاً، فصار ضامناً كالوديع إذا أودع الوديعة عند غيره.

وقال الصاحبان وهو ظاهر الرواية: إذا عمل المضارب الثاني ضمن الأول المال، ربح أو لم يربح؛ لأن المضارب الثاني لما عمل فقد تصرف الأول في المال بغير إذن المالك، فيتعين به الضمان سواء ربح أم لم يربح (١). وحينئذ إذا عمل المضارب الثاني يخير رب المال: إن شاء ضمن المضارب الأول رأس ماله، وإن شاء ضمن الثاني.

فالراجح عند الحنفية: أن المضارب الأول لا يضمن في المضاربة الصحيحة بمجرد دفع المال إلى المضارب الثاني، وإنما يضمن إذا عمل الثاني، ربح المال أو لم يربح.

وأما الربح الناتج من المضاربة فيوزع حسب الشرط، فيعطى لرب المال ربحه على حسب شرطه في عقد المضاربة الأولى؛ وما يبقى من الربح بعدئذ يكون بين المضارب الأول والثاني على حسب شرطيهما في عقد المضاربة الثاني.

هذا ما ذهب إليه الحنفية والقاضي أبو يعلى من الحنابلة (٢).

وقال ابن قدامة: ليس هذا موافقاً لأصول المذهب، ولا لنص أحمد، فإن أحمد قال: لا يطيب الربح للمضارب (٣).

ثانياً ـ مذاهب غير الحنفية: قال المالكية: يضمن العامل إذا قارض في مال


(١) البدائع: ٩٦/ ٦، تكملة فتح القدير: ٧٠/ ٧ ومابعدها، المبسوط: ٩٨/ ٢٢، تبيين الحقائق: ٦٣/ ٥، الدر المختار: ٥٠٩/ ٤.
(٢) المراجع السابقة، الشركات للأستاذ الخفيف: ص ٨١، المغني: ٤٤/ ٥.
(٣) المغني، المكان السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>